محمد فتحى يكتب | التجارة بـ«دهب» وشهداء الجيش والشرطة
فى لحظة كتابتى لهذه السطور، عرفت أنه سيخلى سبيل دهب عبدالعال، السيدة ذات التسعة عشر عاماً، والتى تم القبض عليها، وهى حامل فى أثناء فض مسيرة للإخوان، ثم نقلت بعد فترة للمستشفى للولادة، وظهرت صورتها على شبكات التواصل الاجتماعى بعد عملية الولادة وهى مقيدة (بالكلابشات) تحت تأثير البنج، فهل سيخرس المزايدون عليها والمتاجرون بها والمصابون بهستيريا ما بعد 30 يونيو؟؟
الإجابة لا. سيواصل المبرراتية تبريراتهم واتهاماتهم وتحذلقهم وإساءاتهم وهستيريتهم التى سيأتى يوم، ليدرك من يؤيده هؤلاء أنهم سيلقون به إلى التهلكة، شاء أم أبى طالما أنه معجب بأدائهم.
بالمناسبة.. زوج دهب أجرى مداخلة مع الإعلامى الكبير محمود سعد (حمد الله ع السلامة يا عم محمود)، لينفى كون زوجته من الإخوان أصلاً، أو حتى سيرها فى المسيرة الإخوانية، وقال الرجل فى المكالمة، ثم فى تصريحات للمصرى اليوم: «يوم 14 يناير ذهبت للتصويت بنعم فى الاستفتاء على الدستور، بينما اصطحبت زوجتى صديقتها وذهبت إلى الطبيب الذى يتابع حالتها، حيث كان يفصل بينها وبين الولادة شهر واحد، لكن خرجت مظاهرات فى طريق زوجتى، وحدث تبادل لإطلاق النار بين مجهولين والشرطة مما أجبرها وصديقتها، على الاختباء بفناء عقار بأحد شوارع (الزاوية الحمرا)، قبل أن يلاحقهما ضابط ويقبض عليها»..
وبحسب تقرير زميلنا محمد طارق، كان «أشرف» زوج «دهب» يخاطب أمين الشرطة: «إدينى عقلك.. واحدة فى الشهر التاسع تنزل مظاهرة ليه وإزاى؟»، فيحاول أمين الشرطة تهدئته، ويقول: «دى أوامر أنا ماليش دعوة».
لذلك عندى لقطتان فى هذا الموضوع يجب أن أعرضهما عليكم، وليخبط أصحاب نظرية المؤامرة والمصابون بالهستيريا الجماعية من كل التيارات رأسهم فى أتخن حيطة.
اللقطة الأولى تتلخص فى سؤال، كنت أتناقش فيه مع أحد الأصدقاء: لماذا يبدو الاهتمام بالقضايا الحقوقية الخاصة بالتعذيب والإخوان أكثر من الاهتمام بمقتل ضباط الشرطة والجيش، والاعتناء بهم؟؟
وافتراض أن الأمر صحيح أصلاً مشكلة، كما أن افتراض أنه زعم خاطئ مشكلة أكبر، والخطأ الذى يرتكبه الجميع هو مقارنة هذا بذاك، فالمقارنة غير واجبة، ورفضك للإرهاب وقتل إخوتنا من الضباط يجب أن يكون ظاهراً جلياً مثلما يظهر رفضك لانتهاك حقوق الإنسان، والكلام لى ولغيرى ولمنظمات حقوق الإنسان، والواقع يقول إنه بعد 25 يناير وحتى الآن لم يعامل شهداء الجيش والشرطة المعاملة اللائقة بهم، ولم يحتف بهم، كما أنهم طرف دائم فى المتاجرات والمزايدات رغم كونهم الآن فى دار الحق بصحبة النبيين والصديقين والشهداء والأبرار وحسن أولئك رفيقاً، لكن حقاً ماذا فعلنا لهم من أهون الأشياء (رسم جرافيتى لهم)، أو حتى أكثرها تنظيماً (تنظيم مجلس أو إدارة لرعاية شهداء ومصابى الجيش والشرطة وذويهم)، كما أن الجيش مثلاً لا يعرض أسماء كل شهدائه لأسباب أمنية ومعنوية، فيموتون فى صمت، أما الشرطة فلا تتحدث عما فعلته أو تفعله مع هؤلاء وذويهم.
أما اللقطة الثانية، فهى من كواليس العمل الإعلامى، وتخص أيضاً قضية «دهب»، وكم من «دهب» فى سجونك يا مصر، فقد تواصل أحد الزملاء من معدى البرامج بمحاميها على الفيس بوك، ليجرى معه مداخلة حول القضية، فرد الرجل مباشرة: وهل ستدعنى أقول إنها فى سجون الانقلاب؟؟!!!
سألنى الزميل عن رأيى، فقلت: لا تجرِ المداخلة، فهذا رجل يريد تسويق موقف سياسى، وليس الدفاع عن موكله، وهذه هى المشكلة، فـ«دهب» ألقى القبض عليها ظلماً، لكن أول من تواصل مع أسرتها وحاول مساعدتها هم الإخوان لترويج الواقعة والمتاجرة بها، وهذه هى مشكلة القبض العشوائى.
أنت تقبض على مظلوم، وعلى العاطل والباطل وسط ما تقبض، والنيابة (تفقع) 15 يوماً فى 15 يوماً تحت زعم (حتى ورود التحريات) والشرطة تؤخر التحريات، حتى يظل هؤلاء فى السجون لفترة، غير عابئة بالأبرياء منهم.
وهذا هو حالنا فى ثلاث سنوات متتالية.
الكل يبحث عن المصلحة، ويضيع المظلوم، أو المخلص لقضيته.
لا للإرهاب. لا للقبض العشوائى على الناس. معاً لرعاية كل الشهداء، بمن فيهم شهداء الجيش والشرطة وإثارة قضاياهم إعلامياً. ولنبحث جميعاً عن إنسانيتنا بعيداً عن الهستيريا.
المصدر:الوطن