محمد فتحى يكتب | كلمنى عن الحياة يا «أبيه»..
الحياة سؤال كبير، إن لم تجب عنه فلتحرص على ألا تضع بعده المزيد من علامات الاستفهام. إجابة السؤال دائماً لها وقت، ومهارتك أن تجيب عنه فى الوقت المحدد وليس بعد فوات الأوان.
الحياة امتحان، فيها أسئلة صح وغلط، وفيها الاختيار من متعدد، وفيها أكمل مكان النقط، وفيها أعد الترتيب، وفيها (التوصيل) وفيها علل مع ذكر السبب، وفيها (أعرب) ما فوق الخط، وفيها (استخرج) من حياتك، ونتيجة الامتحان لا تتعلق بصعوبة الأسئلة بقدر ما تتعلق بقدرتك على الوصول لإجابتها، وأفضل ما تفعله هو أن تذاكر جيداً لتنجح، ففى لحظات معينة ستعرف فعلاً مدى صحة مقولة: اللى ذاكر ذاكر.
الحياة شركة. بوسعك أن تكون رئيس مجلس إدارة حياتك والعضو المنتدب، وبوسعك أن تكون النائب، أو الموظف، أو مجرد متدرب يطمح فى التعيين، أو متعاقد ينتظر التثبيت، أو حتى أوفيس بوى، لكن نجاح الشركة يتعلق بك، وبعلاقتك بالآخرين، تماماً مثل الفشل، يتعلق بك وبالآخرين، فاختر من يشاركونك فى نجاحها وابتعد عمن يسعون لإفلاسها وهدمها وقفلها بالضبة والمفتاح.
الحياة مليئة بالتفاصيل والذكريات المؤلمة أو السعيدة. مثل التليفزيون ملىء بالقنوات المناسبة أو التافهة، والمبهجة أو الحزينة. أنت فقط من يمسك بالريموت، وأنت فقط من يستطيع الثبات على قناة بعينها أو تغييرها. الحياة سر، تظل تختبرك دائماً حتى تعرف هل ستصونه أم لا.. الحياة لعبة، ليست تافهة ولا هى لمجرد المتعة، لكنها مراحل تزداد صعوبة مع مرور الوقت، وفى نهاية كل مرحلة تقابل الوحش، ويجب أن تهزمه، لكن لو هزمك، فأنت الوحيد القادر على أن تبدأ من جديد بخطة أخرى وتركيز أكبر، وستتخطاه لو أردت. ستتخطاه ولو بعد حين، ستتخطاه لمرحلة أخرى ووحش جديد، فاحرص على ألا تمل، فبدون الوحوش لا طعم للعبة، وبدون الخسارة لن تشعر بطعم الفوز.
الحياة مثل الطفل الصغير الذى يجب أن تجعله يحبك حتى يستطيع التواصل معك. سيضحك لك أحياناً، ويبكى دون أن تستطيع إيقافه، ولربما يعمل (ببّيه) على جنابك، فلو ظللت تصرخ لن يغير ذلك من الأمر شيئاً، ولو فكرت فى طريقة لإزالة البقعة سيكون ذلك أفضل، لكن الأكثر أهمية أن تتفاهم معه وتعلمه أو تصل معه لصيغة تفاهم مشتركة حتى لا يفعل ذلك معك ثانية، أو على الأقل، تأخذ حذرك، لأنه -فى الغالب- أنت المخطئ لأنك لم تتأكد من وجود البامبرز.
الأطفال حتماً يكبرون، لكن أنت أيضاً تكبر، والحياة طفل لا يكبر أبداً، ويتم استبداله بين فترة وأخرى بطفل آخر، فاحرص على أن تغير نظرتك لهذا الطفل لأنه سيستمر معك.
الحياة رحلة. خذ معك أقل المتاع حتى لا تتكبل بأثقال تفسد عليك تحركاتك وتنقلاتك واستمتاعك بما حولك. حاول أن تكون مرحاً ولا تلتفت إلى مطبات الطريق، فجمال الرحلة ليس فى نهايتها، ولا فى المكان الذى ستصله وتعود منه ثانية، لكن فى وقتك الذى تمضيه فى الباص وذكرياتك من ضحك وغناء وتعب ونوم وبكاء وأفلام تشاهدها وناس تتعرف عليهم وسائق يشغل لك أغانى لا تود سماعها ونافذة تفتحها لتشاهد الطريق أو تسدل عليها الستائر لتبتعد عنك الشمس.
ستشعر كثيراً أن الحياة فيلم كارتون تبحث فيه عن دورك، فاحرص على أن يكون ممتعاً، لا يهم أن تكون البطل مثل ميكى، فبطوط سرق الكاميرات منه ليبقى ميكى (منظر) كل من يشاركه يتألق حتى لو كان بلوتو بينما لا يعلق فى ذهننا لميكى سوى المرة التى استولى فيها على أجوات الساحرة الشريرة ليصبح ساحراً لكنه لم ينجح فى ذلك.
الحياة معادلة كيميائية لا تكتمل إلا بعامل حفاز، فابحث عن العامل الحفاز لتصل إلى نتائج، لكن احرص على أن تضع الأشياء بقدرها حتى لا تنفجر منك المعادلة.
الحياة فرحة، إن لم تجدها داخلك فلتبحث عنها حولك. فى ابتسامة طفل، فى قبلة غير متوقعة من ابنتك، فى حب لا يأتى بموعد، فى دعوة تصل إليك نتائجها ولا تعرف من دعاها. فى رضا أب وأم. فى لهفة ابنك على صلاة الجمعة ليردد بصوت عال: آمييين. فى صديق تتعكز عليه. فى حبيبة تعينك عليها. فى سجدة خاشعة لله وتمتمة قانعة بحمده.
الحياة قصة حب.. نهايتها السعيدة ليست الزواج كما تظن، بل النهاية السعيدة ألا تنتهى، فاحرص إن انتهت حياتك، ألا تنتهى أنت من حياتك.