مجموعة سعودي القانونية

محمد-فتحي

سيجلس الجميع فى النهاية.. سيتصافحون.. سيبتسمون أمام الكاميرات وكل منهم يؤكد فى تصريحاته أنه راعى مصلحة الوطن، وسيقولون إن كل ما حدث كان دون إملاءات من الخارج. سيبنى الكل مكاسبه فى التفاوض على خسائر الآخرين مع مرور الوقت. سيضغط الشارع لأن الكل يكرر نفس الأخطاء بنفس الطريقة ويُلدغ من نفس الجحر مئات المرات لدرجة تستدعى أن يراجع إيمانه. مع مرور الوقت سيكتشف الجميع أن محاولاته لمحو الآخر من الوجود باءت بالفشل، وليس لها مستقبل.

مع مرور الوقت سيتساءل كل فريق: ماذا قدم القادة وأصحاب الأمر والسلطة؟

وسيدركون أن الإجابة هى: لا شىء.

الإخوان لم يقدموا جديداً، ولم يعودوا برئيسهم، ولم يكتسبوا المزيد من الحلفاء، بل على العكس، يخسرون كل يوم، والسلطة، أو النظام، أو فلتسمِّ الأمور كما تشاء، يخسر كل يوم مع إصراره على نفس الأسلوب القديم، لكنه سيدرك بعد فترة أنه لن يكسب أنصاراً جدداً هو الآخر، بل على العكس، ستأتى لحظة ويكتشف أنه يخسر بانتظام.. يخسر هؤلاء الذين ظنوا أنه سيحكم الأمور بقبضة من حديد ويعيد الفئران إلى الجحور والجماعة إلى الحظر والمعتقلات. وسيخسر هؤلاء الذين أيدوه فى البداية لأنهم ظنوا أنه سيخلصهم من الأمر حتى آخر إخوانى، لكنهم اكتشفوا أنه لا يستطيع.

وسيخسر حتى هؤلاء الثوريين الذين هتفوا له وغيروا رأيهم بشأنه وتوحدوا معه فى لحظة سحرية للتخلص ممن يعتبرونه عدوا مشتركا، ليكتشفوا بعد فترة أنه يكرر نفس الأخطاء التى ثاروا عليها من البداية فى ٢٥ يناير، ويصبح الأمر على شفا حفرة من النار، وعلى حافة الهاوية. من الآن يجب أن يستعد الجميع لذكرى محمد محمود القادمة، وذكرى ٢٥ يناير القادمة، مع الاحتياط للأخطاء الغبية التى يرتكبها أراجوزات كل طرف، والتى قد تعجل بصدام ليس هو ما يتمناه هذا الوطن، وليس فى مصلحة أحد. يقولون إن السياسة هى فن الممكن، وإذا لم يفهموا ذلك سيخسر الجميع، وإذا ظل كل طرف فى حالة التشبث بالرأى سنقتل بعضنا البعض ولو بعد حين.

أنا لا أكترث بتعليقك أو برفضك لما تقرأ الآن أو لاعتبارك إياه هراء من هذا الذى امتلأت به الصحف ووسائل الإعلام، أنا أحدثك عن يقين، وعن نتائج سنصل إليها بحكم المنطق؛ لأن هذه هى المعطيات الموجودة، ولأن الجميع لا يجيدون قراءتها.

سينسى الجميع الدماء التى أُريقت فى اللحظة التى سيجلسون فيها للتفاوض، فلماذا لا يقللون الآن من عدد الجثث والضحايا، الذين تحولوا إلى مجرد أرقام؟

سيوقع الجميع بالأحرف الأولى على العديد من الجثث. لكن كلاً منهم سيظل يحمل خنجراً خلف ظهره متحيناً الفرصة المناسبة. سيدركون وقتها السؤال الذى لا أجد إجابة عنه حتى الآن. إذا كان هذا هو ما سيحدث فى النهاية مع وجود مئات الآلاف من الجثث والضحايا، فلماذا لا يحدث الآن مع الاكتفاء بعدد أقل؟!

لو كنت مكان الجميع لجلست وأعددت تقديراً للموقف، أول بند فيه هو أننا لن نستطيع أن نكمل بنفس الطريقة ولا بنفس الأسلوب، وأننا لن ننتصر هكذا أبداً.. لو كنت مكانهم لأدركت أن أنصاف الحلول أفضل من اللاحل، وإلا فلا حل. لو كنت مكانهم لأدركت أن من سلك طريقاً يلتمس فيه السيطرة على الجميع، ثار عليه الجميع، رويداً رويداً، ولو بعد حين. ولو كنت مكان من يقرأ لكففت عن شكى ولأدركت أنهم يجلسون الآن عبر وسطاء.

لكى يعدوا لتلك اللحظة..

وحتى تحين..

مرحباً بالدماء..

والغلطة بفورة..

«فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *