حوار المشير عبدالفتاح السيسى مع الإعلاميين حمل عشر رسائل أساسية:
أولاً، الأزمة فى مصر، فى جزء كبير منها «أزمة وعى» والقائمون على الإعلام فى مصر عليهم مسئولية كبيرة فى إنتاج وعى سليم بحقائق الأوضاع فى مصر. بعبارة أخرى: «الإعلام أخطر من أن يُترك للرؤى الفردية لكل إعلامى أو لكل قناة أو لشركة الإعلانات».
ثانياً، الوعى المطلوب يتحرك فى أربعة اتجاهات: وعى بالمشاكل والتحديات، وعى بالأهداف والطموحات، وعى بالسياسات والتضحيات، ووعى بأهمية الحفاظ على المعنويات والأخلاقيات. ورغماً عن أن الإعلام له دور كبير، فإنه لا يمكن أن يقوم بدوره إلا إذا تناغم مع الخطاب الدينى والمقررات الدراسية لأنها فى مجموعها تخلق البيئة الثقافية التى إما أن تنجح فى تحقيق تماسك الجبهة الداخلية وإعادة بناء النسيج الاجتماعى أو البديل انتحار جماعى لا يريده وطنى لمصر.
ثالثاً، جزء من الوعى المطلوب هو حسن قراءة ما حدث فى السنوات الثلاث الماضية. ثورتان أو موجتان ثوريتان أطاحتا بنمطين من الاستبداد السياسى اللذين ينبغى ألا نسمح لهما بأن يتكررا فى بلدنا. لذا كان تأكيده أن «أى نظام حكم لا يستجيب للناس سيرحل» و«الشعب هو من أزاح حكم الإخوان، وليس السيسى» و«الإخوان كان بإمكانهم البقاء فى السلطة عبر الاستفتاء الشعبى».
رابعاً، المصريون إن اجتمعوا على هدف فسينجحون. العصا السحرية الحقيقية لعلاج مشاكل مصر هى «إرادة المصريين». صناعة هذه الإرادة تقتضى بالضرورة أن يثق الناس بالله وبما أودعه فيهم من إرادة، وبالقيادة التى يختارونها. هذه الثقة فى جزء منها مسألة برهان وأدلة يراها الناس من خلال قرارات ومواقف مباشرة، ومن خلال مشاعر يتم ترجمتها إلى سلوك وتضحيات.
خامساً، لن يتم «خصخصة السيسى»، أى أن يتحول إلى ملكية خاصة لشلة أو مجموعة منتفعين. هو يؤكد أنه ليس مديناً لشخص أو عدة أشخاص بذواتهم، سواء فى الداخل أو فى الخارج بأى فضل، لذا هو ليس عليه فواتير مطلوبة السداد لجمايل قام بها أحد فى حقه، ولذا هو يرى أن أصحاب المصالح المحيطين به هم فى النهاية «مجموعة مصريين» وبدل ما نستدعى قوى الشر فيهم علينا أن نستدعى قوى الخير.
سادساً، مشاكل مصر لها حلول إذا اعتبرناها مشاكل المصريين جميعاً، والكل عليه أن يقوم بدور فى علاجها، بدءاً من القيادة والحكومة، انتهاءً بالمواطنين، كلٌ فى مجاله وفى موقعه. وضرب مثلاً بكيفية التعامل مع مشكلة توفير الطاقة بخفض الاستهلاك غير الضرورى وباستخدام لمبات موفرة. وهنا أهمية «الوعى» بالمشكلة، وأهمية «الوعى» بالحل، وأهمية «وعى» القائمين على أجهزة الإعلام بدورهم فى أن يكونوا جزءاً من حل مشاكل مصر، وليس فى استحداث مشاكل جديدة أو تعميق المشاكل القائمة بخفض الروح المعنوية وتدمير الأخلاقيات واستنزاف الطاقات.
سابعاً، علاقات مصر الخارجية لا بد أن تكون متوازنة بالقدر الذى يحقق لمصر مصالحها. وكأن الرسالة هى أن مقولة إن 99 بالمائة من أوراق اللعبة فى الشرق الأوسط فى يد الولايات المتحدة الأمريكية ليست حاكمة. والتوازن مطلوب، لأنه يعطى مساحة أكبر لحرية المناورة فى العلاقات الخارجية.
ثامناً، هناك تحديات أمنية ضخمة تواجهنا، وستظل تواجهنا طالما أن هناك من يريد أن يعاقب المصريين على قرارهم فى 30 يونيو. والمقارنة بين ما كان سائداً فى أعقاب 30 يونيو مباشرة وما يحدث الآن تقول إن هناك تحسناً نسبياً.
تاسعاً، تمكين الشباب مسألة مهمة ولكن خوفاً على البلد وعلى الشباب أنفسهم لا بد من إعدادهم أولاً لتحمّل المسئوليات الكبيرة التى سيواجهونها.
عاشراً، الرأى العام فى أغلب منطقتنا، وليس الأنظمة الحاكمة، هو الذى يرفض الإسلام السياسى، بما يشير إلى أهمية ما صنعه المصريون فى 30 يونيو، وسيكون له تأثير واسع المدى، ليس على المنطقة فقط، ولكن على العالم كله.
هذا ما قاله المشير السيسى، فى أول حوار مطول له. وهو أقرب إلى «خطاب نوايا»، ونحن بانتظار التفاصيل فى برنامجه الانتخابى.