مجموعة سعودي القانونية

معتز بالله عبد الفتاح يكتب | عاجل إلى المخابرات: تحركوا قبل أن نداس بالأقدام

معتز-بالله-عبد-الفتاح

العمليات الاستخباراتية هى واحدة من أدوات صنع وتنفيذ السياسة الخارجية. القائمون عليها يقومون بثلاث مهام، أولاً: جمع وتنظيم المعلومات سوءا بالتجسس أو من خلال المصادر المعلنة. ثانياً: تحليل المعلومات وبناء السيناريوهات. وثالثاً: التخطيط المضاد وأحياناً تنفيذ العمليات السرية ضد الأهداف الخارجية.

أجهزة المخابرات الوطنية عليها الآن مهمة ثقيلة جداً، لأن الهدف الكبير واضح ومعلن، ولكن الخطط المضادة غائبة أو لا تبدو ذات فاعلية كبرى.

الاستخباراتيون العرب أكيد يعلمون بالمقال الشهير لرالف بيتيرز (Ralph Peters) فى يونيو 2006 الذى اقترح فيه خريطة جديدة للمشرق العربى وصولاً إلى حدود أفغانستان. خريطة جديدة تمثل «الشرق الأوسط الجديد» الذى سيعاد تقسيمه على نحو يتفق مع الانتماءات الدينية والمذهبية والعرقية لسكان المنطقة.

الخريطة لم تُعلن قط من قِبل المسئولين الأمريكيين باعتبارها تمثل العقيدة الجديدة للسياسة الخارجية للمنطقة، لكن التقارير، وكلها موجودة على النت، تشير إلى أنها جزء من التدريب الذى يتلقاه المشتغلون بالسياسة الخارجية والعمل الاستخباراتى الأمريكى والغربى.

وكما يقول موقع «مجلة القوات المسلحة» الأمريكى، فإن الخريطة التى تخيلها الرجل «تظل واحدة من أكثر الصفحات التى يزورها الداخلون لموقع المجلة على النت».

ويقول «بيتيرز»:

«رغماً عن أن الشرق الأوسط يعانى من مشاكل أكثر كثيراً من حدودها الخربة (غير الكفؤة – dysfunctional) بما فى ذلك من عدم المساواة والتعصب الدينى، لكن أكثر المحرمات التى تجعلنا لا نفهم الفشل التام فى المنطقة ليس (الإسلام) ولكن تلك الحدود الدولية التى يعبدها دبلوماسيونا وكأنها مقدسة».

إذن الرجل ينتقد الدبلوماسيين الغربيين الذين ينظرون إلى حدود دول المنطقة وكأنها «مقدسة»، ثم يعلق على الخريطة التى اقترحها بقوله: «إن الخريطة الجديدة تعالج الأخطاء والمشاكل التى يعانى منها جموع سكان المنطقة من كُرد وبوش (بين إيران وباكستان)، وشيعة، ولكنها خريطة لا تأخذ فى اعتبارها مشاكل المسيحيين والبهائيين والإسماعيليين والنقشبنديين، وغيرهم من أقليات أقل عدداً».

المعضلة التى أمامنا أننا نقع فى الأفخاخ بسذاجة استثنائية. ولا أعرف إن كان لدينا تصور واضح بشأن ما المصلحة العليا المصرية – العربية فى كل ما يحدث.

سعدت أن السيد الرئيس تواصل مع القيادة العراقية هاتفياً، وأن السيد وزير الخارجية المصرى زار بغداد. وهذا مهم. ولكن ماذا بعد؟ مع الأسف مصر بذاتها لم تعد طرفاً مؤثراً فى قضايا العراق وسوريا. مصر لا تستطيع ولن تستطيع أن تتحرك بمفردها فى مواجهة التأثير التركى والإيرانى والأمريكى والإسرائيلى. مصر بحاجة لأن تقود محيطها العربى لصالح خريطة المنطقة التى تراها الأصح والأصوب والأفضل وفقاً للمصالح المصرية – العربية.

اشتعال غزة فى الوقت الذى يدمر فيه العراق وتدمر فيه سوريا وتدمر فيه ليبيا وغيرها من دول عربية ليس بعيداً عن تصور أوسع يريد للمنطقة أن تشتعل ولا تنطفئ وحين تنطفئ تكون على شكل وواقع جديد ليس كالذى كانت عليه.

هناك مطالب مشروعة لأفراد وجماعات وأقليات فى مواطنة كاملة لكنها تتقاطع، بقصد أو من دون قصد، مع رغبة فى أن تكون إسرائيل محاطة بأربعين دويلة عربية أقصى طموحها أن تتعايش مع دولة يهودية خالصة دون عرب أو فلسطينيين.

الاستخباراتيون العرب يعرفون أفضل منى هذا المصطلح: «العمليات النفسية» أو «psychological operations» التى تهدف إلى: «تحريض الجماعات المستهدفة لاتخاذ سلوك معين يتعارض مع مصالحها باستغلال: أخطاء الحكام، وجهل الشعوب، والعملاء الانتهازيين».

لو وضعنا النقاط فوق الحروف: الجماعات المستهدفة هى كل الفئات والجماعات والأقليات التى ترى أنها أمام فرصة للانتفاضة من أجل حقوقها. وهؤلاء الحكام هم حكامنا، وهذه الشعوب هى شعوبنا، وهؤلاء العملاء هم ساسة ضيقو الأفق متغطرسو المنطق ضل سعيهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.

هذه هى المعضلة، ما هى خطتنا المقابلة؟

 

 

 

 

 

 

 

المصدر:الوطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *