مجموعة سعودي القانونية

معتز بالله عبد الفتاح يكتب | وفى الآخر «باسوا بعض»

معتز-بالله-عبد-الفتاح

صلّ على النبى كده وفكّر معايا.. فيه دولة اسمها جنوب السودان.. هذه الدولة شهدت حالة من عدم الاستقرار السياسى والأمنى فى أعقاب حرب أهلية اندلعت فى سبتمبر الماضى؛ يعنى 7 شهور من القتل والحرق والتدمير بلا أى اعتبار إنسانى أو أخلاقى، والكاميرات كانت تصور مشاهد القتلى فى الطرق مثلما نشاهد نحن مقالب الزبالة فى الشوارع. وكان ذلك بعد اتهام الرئيس «سلفاكير» لنائبه السابق رياك مشار ومجموعة من القيادات فى الحكومة بالتخطيط لقلب نظام الحكم. ولا يزال الجدل حتى الآن بشأن من الذى تسبب فى اندلاع هذه الحرب التى أدت إلى مقتل الآلاف وتشريد أكثر من مليون ونصف المليون شخص من مناطقهم، بحسب إحصاءات الأمم المتحدة التى اتهمت طرفى النزاع بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

آه والله يا مؤمن..

اسمع اللى جاية دى..

بالأمس اجتمع وفدان يمثلان طرفى الحرب الأهلية على اتفاق سلام فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بحضور رئيس الوزراء الإثيوبى هيلى ديسالين وممثل عن الوساطة الأفريقية والأمريكية والأوروبية والأمم المتحدة.

ابحث أيها المواطن المصرى الشقيق على «اليوتيوب» عن مشاهد اللقاء بين الطرفين، وغالباً سأعرضها فى برنامجى «باختصار». ماذا ستجد؟ ستجد أحضاناً وابتسامات على وجوههم وسلاماً حاراً بين بعض ممثلى الوفدين كأنه لقاء عشاق أو أصدقاء يرون بعضهم البعض بعد سنوات من الفراق واللوعة.

فى البداية كان «سلفاكير» و«مشار» قد وصلا إلى قاعة التوقيع داخل القصر الرئاسى بعد أن تصافحا. ولم تظهر ملامح الفرح على الرجلين وظلا متجهمين طوال فترة التوقيع على الاتفاق. ولكن بعد التوقيع كان ناقص يقوموا يتحزموا ويرقصوا وكأن كل اللى ماتوا ولا قيمة لهم.

آه يا ولاد الذين… ده «مُع مُع» اللى بيقول فى عقل باله…

يعنى أنتم موّتوا الناس دى كلها وخربتوا البلد وشردتوا مليون ونص من الشعب الجنوب سودانى الشقيق علشان فى الآخر تقابلوا بعض بالأحضان والقبلات والابتسامات وكأن أحداً لم يمت أو يصَب أو يُشرّد.

توماس جرين، الفيلسوف الإنجليزى، له مقولة تستحق التأمل: «الحرب قرار يتخذه الخبثاء ليكون أول من يدفع ثمنه الأغبياء».

ورد عليه آلان شيردان، إنجليزى آخر، بأن الصواب هو: «الحرب قرار يتخذه الساسة ليدفع ثمنه الشعوب». والفرق بين المقولتين ليس كبيراً عند آلان شيردان.

يعنى كل اللى ماتوا دول ماتوا فطيس؟!

غالباً.

طيب تعالوا نقفز قفزة مكانية وزمانية، ما الذى سيكون عليه الحال فى العلاقة بين قيادات قطر وقيادات مصر ما بعد الانتخابات الرئاسية؟ هل ستلتقى الزعامتان بوساطة ما وتتحل المشكلة؟ غالباً هذا ما سيحدث. وستتوقف «الجزيرة» عن وصف ما حدث فى مصر بأنه انقلاب وكله هيبقى فى «الفساكونيا». طيب، وماذا عن أولئك الذين يشاهدون «الجزيرة» ليل نهار ومصدقين أن «مرسى» راجع؟ ولا حاجة، عادى، هيموت منهم شوية «مع الأسف»، وهيموتوا شوية من جنودنا وضباطنا «مع الأسف» وشوية هيفقدوا مستقبلهم الأكاديمى والمهنى «مع الأسف»، وبعضهم هيقضوا شوية شهور أو سنين فى السجن «مع الأسف»، وهيكون أقصى حلمهم أن يعودوا إلى ما كانوا عليه قبل 25 يناير 2011 بعد كم مهول من الضحايا.

والساسة سيشربون نخب شعوب جاهلة تتحرك بكلمتين هنا أو هناك. وكله هيبقى فى «الفساكونيا».

وفى الآخر «باسوا بعض».

زى ما بأقول لك كده..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *