مفاجأة.. الفيلم المسيء للرسول غير موجود أصلاً المقطع المتداول “تريلر” إعلاني وصاحبه شخصية وهمية
أقل من ربع ساعة، مدة “التريلر” السينمائي، الذي تداولته مواقع الإنترنت، يتخلله تمثيل رديء وخدع سينمائية شديدة البدائية، هو كل ما جرى عرضه حتى الآن من الفيلم “المسيء للرسول” الذي ظهرت منه مقاطع غير مترابطة على موقع “يويتوب”. الفيلم الذي صُنع في أمريكا، كان مجهولاً في بلد المنشأ ذاته، ولم يحظَ بشهرته الحالية إلا بعد انطلاق المظاهرات الغاضبة ضده، وضد صنّاعه المجهولين، مطالبة بالقصاص.
وقد تسابقت وسائل الإعلام الأمريكية، وفقاً لتحقيق نشرته صحيفة “الوطن” المصرية، للتوصل لهوية أصحاب الفيلم، وفهم الجدل المثار حوله، لتجد نفسها محاطة بشبكة من الأكاذيب، تشكك في صحة وجود الفيلم من الأساس. وتبدأ الحكاية بإعلان القس المتطرف تيرى جونز في ولاية فلوريدا أنه سيعقد محاكمة عالمية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، يعرض خلالها فيلماً يوضح حقيقة الإسلام والمسلمين.
ويشارك في تنظيم المحاكمة موريس صادق، أحد نشطاء أقباط المهجر، الذي اشتهر بتصريحاته الشاذة، الداعية لوضع مصر تحت الحماية الأجنبية لحماية الأقباط والأقليات، وأخيراً إقامة دولة مسيحية في مصر، أعلن نفسه رئيساً لوزرائها من أمريكا. لكن بسؤال جونز وموريس، اتضح أنهما ليسا الصناع الحقيقيين للفيلم، وأنهما داعمان فقط، وربما شاركا في بعض مراحل إعداده، لكن تبقى جهة إخراج وإنتاج الفيلم مجهولة.
رحلة البحث عن سام باسيلي
وكالة الأسوشيتد برس الأمريكية التقطت الخيط الأول، في مكالمة هاتفية مع رجل يدعى سام باسيلى، عرّف نفسه بأنه مخرج ومنتج الفيلم، وأنه يعمل في الأساس بمجال سمسرة العقارات. سام قال في المكالمة الهاتفية إنه إسرائيلي أمريكي، عمره 56 عاماً، يعمل في مجال الترويج للعقارات بولاية كاليفورنيا، وأكد أنه مختبئ خوفاً على حياته، ثم بدأ في سرد المعلومات الخاصة بإنتاج الفيلم وتكلفته.
وكالة الأنباء حصلت على رقم سام من موريس صادق، لكنها لم تقابل صاحب الرقم حتى هذه اللحظة، ولم تستطع التحقق من هويته، وطبقاً لباسيلي فإن الفيلم مدته ساعتان، وتكلفته 5 ملايين دولار، تبرع بها 100 يهودي يودون فضح مساوئ الدين الإسلامي، على حد قوله، وأن عنوانه التجاري براءة المسلمين، وأوضح أن تصويره استغرق 3 أشهر في صيف 2011، وشارك فيه 57 ممثلاً، ومضى يقول في المكالمة الهتافية إنه يحارب “سرطان” الإسلام بأفكاره وأفلامه السياسية.
سرعان ما ظهر باسيلى مرة أخرى، في حوار هاتفي مع جريدة “وول ستريت جورنال”، ليكرر ما قاله في الحوار الأول دون زيادات هامة، ولكنه قال إنه أمريكي الجنسية، دون أن يشير إلى الجنسية الإسرائيلية، وذكر أن عمره 52 عاماً، مناقضاً ما قاله في الحوار الأول.
الغموض الذى يحيط به باسيلي نفسه، وعدم معرفة أي من العاملين في مجال السينما به، دفع الصحافيين والمدونين للتنقيب عن صاحب الاسم اللغز. الموقع الإسرائيلي “تايمز أوف إسرائيل”، نقل عن مسؤولين حكوميين – رفضوا ذكر أسمائهم – أن السلطات لم تجد في سجلاّتها أي إسرائيلي بهذا الاسم خاصة بين المقيمين في ولاية كاليفورنيا وفقاً للسجلات الرسمية. كما لا يظهر اسم سام في قوائم الحاصلين على تصريح سمسرة العقارات، أو في أي دليل هاتف. اسمه مجهول لكل العاملين بصناعة الأفلام والسينما بكاليفورنيا، فضلاً عن أنه لا يظهر في قواعد بيانات صنّاع الأفلام أو المخرجين أو العاملين بالسينما أو أي سجل خاص بهذه الصناعة من قريب أو من بعيد.
المخرج رجل آخر
حاولت وكالة أسوشيتدبرس تتبع العنوان المسجل على رقم الهاتف الذي أجرى باسيلي مكالمته الهاتفيه معها من خلاله، لتجد نفسها في مفاجأة مذهلة، أنها أمام رجل آخر يُدعى نيكولا باسيلي نيكولا، عمره 55 عاماً. نيكولا قال للوكالة إنه مسيحي مصري، وأنكر أنه مخرج الفيلم، أو أنه يستخدم اسم سام باسيلي كاسم مستعار له، لكنه أكد أن له دوراً في إنتاج الفيلم، واتضح أن نيكولا أُدين في جريمة نصب في وقت سابق، وقضى 21 أسبوعاً في السجن.
كل ما يوجد عن باسيلي، باستثناء المعلومات التي وفّرها عن نفسه، قناة تحمل اسمه على موقع “يوتيوب”، تولت عرض مقاطع من الفيلم المسيء للرسول منذ 3 أشهر، تلك المقاطع التي ظلت مجهولة بلا أهمية حتى تم دبلجتها، وعرضها على الإنترنت في مواقع عربية قبل أيام، في حين لا توجد معلومات إضافية عن باسيلي بموقع “يوتيوب” نفسه، سوى أن عمره 75 عاماً، في تناقض ثالث مع المعلومات التي سبق أن وفّرها عن نفسه.
مع تزايد التساؤلات حول هوية سام باسيلي، ومدى كونه شخصية حقيقية، ظهر اسم آخر وصف نفسه بأنه أحد المستشارين الذين أسهموا في صنع الفيلم ليقطع الشك باليقين، ويؤكد أن باسيلي ليس إسرائيلياً. إنه ستيفن كلين، ناشط مسيحي إنجيلي متطرف، معروف بنشاطه ضد المسيحيين الكاثوليك والمثليين جنسياً والمسلمين، وبتنظيمه مظاهرات معادية للإسلام وإقامة المساجد، وهو ذو علاقة وطيدة بالجمعية الوطنية القبطية الأمريكية، التي تجمع متطرفي أقباط المهجر.
ظهر ستيفن في حوار مع قناة “سي إن إن” ليؤكد أن باسيلي مجرد اسم مستعار لمجموعة من المسيحيين العرب والأمريكيين، عملوا من قبل في الشرق الأوسط، واتفقوا على صناعة فيلم يفضح “مساوئ الإسلام”، على حد تعبيره.
وأكد ستيفن أن الاسم المستعار يستخدمه أيضاً رجل شرق أوسطي مسيحي يتحدث العربية بطلاقة، وشارك في صناعة الفيلم، وأضاف أن المدعو باسيلي قال له إن سبب إخفائه هويته هو خوفه على أقاربه بمصر. ومضى قائلاً: قلت لباسيلي إنه سيساعد في كتابة الفيلم، لكنه حذّره من أن يكون “فان جوخ” الثاني، مشيراً إلى المخرج الهولندي ثيو فان جوخ، الذي قُتل عام 2004 بسبب فيلم “الخضوع”، الذي اتهم فيه الإسلام باضطهاد المرأة.
وانفردت صحيفة “ذي أتلانتيك” الأمريكية بتفاصيل أكثر، وإن كانت تصب في نفس الاتجاه المشكك في هوية المدعو سام باسيلي، بعد أن أجرى مراسلها في الشرق الأوسط، وكاتبها المعروف جيفري جولدبرج، تحقيقاً عن صنّاع الفيلم، وقاده بحثه إلى نتيجة مبدئية فحواها أن سام باسيلي ليس إلا اسماً وهمياً، وأنه – حسب حوار مباشر مع ستيف كلاين مستشار الفيلم – ليس إسرائيلياً، بل على الأرجح ليس يهودياً.
وقال مراسل “ذي أتلانتيك”: “كجزء من بحثي عن مزيد من المعلومات عن المدعو سام باسيلي مخرج الفيلم المسيء للإسلام، اتصلت برجل يدعى ستيف كلاين، وهو كما يدّعي، ناشط مسيحي متشدد بمدينة ريفر سايد في كاليفورنيا، ويعمل في مجال التأمين على العقارات، وجرى تقديمه في وسائل الإعلام المختلفة على أنه مستشار للفيلم، فقال لي إن باسيلي منتج الفيلم ليس إسرائيلياً وفي الغالب ليس يهودياً، وإنه صاحب اسم مستعار. وروى أن هذا الـ”باسيلي” اتصل به لمساعدته في عمل فيلم مسيء للنبى محمد، وأنه اختاره لهذه المهمة، لأنه ينظم احتجاجات معادية للإسلام أمام المساجد والمدارس، ولأنه من قدامى المحاربين في فيتنام وخبير في كشف خلايا القاعدة في كاليفورنيا، ما يجعله موضع ثقة المسيحيين واليهود الشرق أوسطيين في كاليفورنيا.
وأضاف مراسل ذى أتلانتيك: عندما طلبت من كلاين وصف باسيلي قال لي: “لا أعرف الكثير عنه، قابلته وتحدثت معه نحو ساعة، لكني أستطيع أن أوكد لك أنه ليس إسرائيلياً، وأن إسرائيل ليست متورطة، وأن تيرى جونز -القس المسيحي المتطرف الذي حرق المصحف – لا علاقة له بالفيلم، وأن الشخص الذي قيل إنه تيرى جونز شخصية أخرى اتخذت هذا الاسم المستعار. مؤكداً أن كل هؤلاء الأشخاص ذوي الأصول شرق أوسطية، ممن شاركوا في صناعة الفيلم، يحملون أسماء مستعارة، معلقاً: “أعتقد أن الحملة كلها ليست إلا حملة تشويه”. وواصل مراسل ذي أتلانتك حواره مع مستشار الفيلم متسائلاً: “من تعتقد يكون سام باسيلي؟” فأجاب: “إنه ناشط أمريكي، وهناك 15 آخرون شاركوا في إنتاج الفيلم، من سوريا وتركيا وبعضهم أقباط من مصر لكن أغلبيتهم إنجيليون”.
واختتم المراسل تحقيقه بقوله: “أتشكك في كل ما يدور حول هذا الفيلم الغريب والرهيب، لكن لم يتوافر لديّ أي دليل على أن سام باسيلي يهودي إسرائيلي، وهو على الأرجح شخص مجهول يتحرك باسم مستعار”، مؤكداً أن الأيام القادمة ستكشف المزيد.
هل هناك فيلم بالأصل؟
بعد تزايد التناقضات في قصة المنتج والمخرج اللغز سام باسيلي، وصعوبة تحديد هويته، بل جنسيته، مصرياً كان أم أمريكياً أم إسرائيلياً، يهودياً أم مسيحياً، إنجيلياً أم أرثوذكسياً، بدأ السؤال الأهم يطرح نفسه: “هل هناك فيلم مسيء للرسول من الأصل؟”.
مجلات السينما، وأهمها “هوليوود ريبورتر”، تساءلت إن كانت المعلومات التي وفّرها باسيلي عن الفيلم حقيقية من الأساس، فالفيلم شديد الرداءة في أسلوب التصوير والإضاءة، ويستخدم خدعاً سينمائية شديدة السذاجة، ومن المستحيل أن يتكلف هذا الفيلم الضعيف 5 ملايين دولار.
النقطة الثانية: إن كان هناك فيلم يتكلف 5 ملايين دولار، فلا بد أن يظهر اسمه في مواقع الأفلام المستقلة، والمواقع المهتمة بأخبار السينما، أو حتى تصاريح التصوير وغيرها من الأوراق الرسمية، فى حين أنه لا يوجد أثر على الإطلاق لأي فيلم يحمل اسم “براءة المسلمين”.
ظهرت الحقيقة على لسان ممثلة مغمورة اسمها ساندي لي جارسيا، 46 سنة، من مواليد ولاية كاليفورنيا الأمريكية، التي شاركت بدور صغير في الفيلم المسيء. تروي الممثلة أنها رأت إعلاناً في مجلة “باسكيتيدج” الخاصة بالعاملين في السينما عن طلب ممثلين لفيلم “محاربي الصحراء”، وهو فيلم “مغامرات في الصحراء العربية”، كما جاء في نص الإعلان، الذي يشير أيضاً إلى أن الفيلم سيحتوي على بعض المشاهد العارية.
الإعلان في المجلة يطلب رجالاً للقيام بأدوار دكتور ماثيو، في دور صيدلي مثقف، وجورج، ممثل جذاب، وبلال، محارب قوي، إلى غيرها من الأدوار التي لا يرد فيها اسم محمد أو أي من الصحابة. تقول ساندي إن الفيلم لم يحوِ أي مشاهد أو جمل حوارية عن محمد، وأن الشخصية الرئيسية للفيلم اسمها “السيد جورج”، بل كان يدور في إطار تاريخي عن مصر قبل ألفي سنة، ولم يكن له أي علاقة بالدين.
وظهرت ساندي جارثيا مرة أخرى على القناة العاشرة الإسرائيلية مساء أمس الأول، لتؤكد أن “العبارات التي نطقها الممثلون أثناء أداء أدوراهم كانت مختلفة وتم دبلجتها وتغييرها، بحيث أصبح الفيلم عن الإسلام والرسول”، فمثلاً ورد لفظ الله على لسانها في لقطة من الفيلم، ثم سمعتها على لسانها نفسه “محمد” بعد الدبلجة، وأضافت أن المخرج “باسيلي” اتصل بها قبل 6 أشهر، وطلب منها إعادة بعض العبارات من جديد، لسماعها في الفيلم بطريقة أفضل، ويبدو أنها نطقت كلمة “محمد” في الإعادة دون أن تعي ما يقصد بها، فتم إدخال كلمة “محمد” بكل عبارة ورد فيها الاسم على لسانها، وهذا ما حدث مع بقية الممثلين.
وأضافت ساندي أن سام باسيلي اسم المخرج، وأنه أرسل لها نسخة من الفيلم بعد الانتهاء من تحميضه فشاهدتها، ووجدت تغييراً كبيراً في العبارات عبر دبلجة الأصل، فلم تهتم بالأمر، وقالت: “لا أعرف شيئاً عن الإسلام وديني المسيحية يمنعني من الإساءة لأي مشاعر».
ولعبت ساندي دور والدة إحدى الفتيات التي يفترض أن يتزوجها النبى محمد، صلى الله عليه وسلم، وفقاً لسيناريو الفيلم، وإمعاناً في خداعها لم يذكر السيناريو اسم النبي محمد، وقالت: “خلال التصوير والحوار الذي كان يدور بين الممثلين لم يكن هناك اسم النبي محمد نهائياً، بل كانت الشخصية الرئيسية في الفيلم تسمى مستر جورج”.
وأكدت لي جارسيا أنها وغالبية الممثلين في الفيلم تعرضوا للخداع من القائمين عليه، وأنها لم تكن لتشارك في مثل هذا الفيلم لو علمت مسبقاً أنه يسيء للرسول محمد، بل كانت تعتقد أنه يصور حياة المصريين قديماً. وعادت جارسيا لتؤكد حقيقة الخداع الذي تعرضت له هي وزملاؤها في الفيلم، في حوار على موقع “جاوكر” الأمريكى، بقولها: “أشعر بالذنب لما حدث، وسأرفع دعوى قضائية على المخرج والقائمين على الفيلم”.
ونقلت صحيفة “الغارديان” عن نفس الممثلة قولها إن المخرج، الذي قال إن اسمه سام باسيلي، زعم أنه ثري إسرائيلي حصل على ثروته من العمل في مجال المقاولات، ولكنه لاحقاً قال لها إنه مصري. وأضافت ساندي أن باسيلي كان يتحدث العربية والإنجليزية وكان حريصاً على تصوير جورج، الممثل الذي قام بدور محمد، في أسوأ صورة ممكنة، وأضافت أنها أصيبت بالرعب عندما علمت بنبأ مقتل السفير الأمريكي في بنغازي وأربعة من موظفى السفارة الأمريكية.
وقالت ساندى – لوسائل إعلام مختلفة تسابقت للحديث معها – إن الفيلم “المشبوه” تم تصويره في صيف عام 2011 داخل كنيسة قرب لوس أنجلوس، وإن الممثلين كانوا يقفون أمام “شاشة خضراء” تُستخدم لتركيب صور في الخلفية. وأضافت أن نحو 50 ممثلاً شاركوا في العمل. وأكدت غارسيا أنها تتذكر أن منتج الفيلم رجل يدعى سام باسيلي وصفته بأنه متقدم في السن شعره أشيب ويتحدث بلكنة. وأضافت أنه سدد أجرها بشيك. وأنها اتصلت به الأربعاء بعد الاحتجاجات. وقالت: “سألته لماذا فعل هذا ووضعني في موقف سيئ بحيث يُقتل كل هؤلاء الناس من أجل فيلم ظهرت فيه؟” مشيرة إلى أن الرجل الذي تعرفه باسم باسيلي قال لها إن هذا ليس خطأها.
علاقة صادق بالفيلم
صحيفة “ديلى ميل” البريطانية ترجّح أن يكون موريس صادق المهاجر إلى الولايات المتحدة منذ 1969، هو نفسه المخرج باسيلي صاحب الاسم المستعار. ونقلت عن ستيف كلاين مستشار الفيلم قوله إن تمويل الفيلم جاء مع شرق أوسطيين ويهود ومسيحيين وكثير من المتحولين عن الإسلام، وبعض الأموال جاءت من بريطانيا واسكتلندا وفرنسا وألمانيا وهولندا.
وقالت الصحيفة إن هناك احتمالاً قوياً أن يكون موريس صادق المحامي القبطي شديد العداء للإسلام، الذي غادر مصر منذ 1969، هو نفسه سام باسيلي. وأكدت أن صادق ساعد في الترويج لمقطع الفيديو على موقعه الإلكتروني، وفي بعض القنوات التلفزيونية، التي لم يكشف عن هوياتها، وأنه لدى سؤاله عما إذا كان يشعر بالأسف لسقوط قتلى أجاب: “بالطبع، بالطبع، الفكر يجب أن يرد عليه بالفكر، ولا أعتقد أن الفيلم كان مسيئاً للإسلام”.
فور ظهور ساندي، تلقت قناة “سي إن إن” رسالة موقعة من أكثر من 80 من المشاركين في الفيلم المسيء، فضلوا عدم الكشف عن أسمائهم خوفاً على سلامتهم، يؤكدون أنهم تعرضوا للخداع، وأن السيناريو قد تم تحريفه وتغييره بشكل مهين ومرفوض، وأن الأدوار التي قبلوا تصويرها لا علاقة لها بالنبي محمد أو الإسلام أو أي دين على الإطلاق.
بدأت فور تنامي الشبهات حول وجود مؤامرة وراء الفيلم، محاولات فحصه فنياً، وراح متخصصون في السينما يدققون النظر في الدقائق الأربعة عشرة المتوافرة على يوتيوب، حيث النسخة الإنجليزية الأصلية يظهر فيها بوضوح تلاعب في الصوت، وأن كلمة “محمد” وأغلب العبارات المسيئة للإسلام، جرى تسجيلها منفصلة، وتركيبها على المشاهد التمثيلية. على سبيل المثال، تقول ممثلة بصوت واضح في الدقيقة 04: 9: “طوال حياتي”، ثم يظهر صوت مسجل فوق صوتها ليكمل الجملة “لم أشاهد قاتلاً أشد شراسة من محمد”. أما الدقيقة 53: 2، فتظهر شفاه الممثل تقول “اسمه جورج”، في حين أن الصوت المركب يقول “اسمه محمد”.
ووجد هؤلاء أكثر من 10 مواضع في الفيلم، بها إساءات للإسلام واسم النبي محمد، ويسهل ملاحظة أن الصوت فيها مركب وليس أصلياً. ففي أحد مشاهد الفيلم يظهر رجل يكتب على سبورة “رجل + x = بي تي”، في حين أن الصوت المركب يقول، “رجل + x= مسلم إرهابي”، في تناقض واضح.
طبقاً للشخصية الوهمية التي تسمى “باسيلي”، فإن الفيلم جرى عرضه بالفعل مرة واحدة فقط، في إحدى سينمات هوليوود، لجمهور محدود للغاية. وحتى هذه اللحظة لا يوجد أي دليل على صحة كلام باسيلي على أن الفيلم جرى عرضه أصلاً، أو أن الفيلم موجود من الأساس، والأرجح أن هناك مشاهد مقتطعة من فيلم رخيص التكلفة لا علاقة له بالإسلام، جرى عليها مونتاج لبضع دقائق، وتركيب صوت يحوي سباباً للرسول، لنشر المقطع على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة “يوتيوب”، ليبتلع المسلمون الطعم خارجين في مظاهرات حاشدة ضد عمل فني وهمي لا وجود له على أرض الواقع من الأساس، منادين بحرق أمريكا.