هل هتفت الجماعة، حتى الآن، بهتاف: عيش، حرية، عدالة، اجتماعية؟
بالطبع لا.. ولن يشغل الجماعة وأنصارها ومؤيديها أن تطالب الخبز والحرية والعدالة للمواطنين الذين يراهم من يتظاهرون لصالح الجماعة الآن مجموعة من الكفرة والمارقين والعبيد، خرجوا ضد الرئيس المؤمن، حفيد عمر بن الخطاب.
الجماعة بالفعل لا ترى شعبا، الجماعة وأنصارها يرون أنهم هم الشعب، وأن من دونهم حيوانات غير عاقلة، انقلابيون، لاحسوا بيادة، كفرة، أو على أفضل التقديرات جهال، يتجلى ذلك فى إحدى حملاتهم: حملة الدعاء على الانقلابيين!
لا أفهم هذه الجملة، هى ليست حملة الدعاء على السيسى، أو عدلى منصور، أو الببلاوى، أو حتى الدعاء على الجيش المصرى، الذى كانوا قد احتفلوا بهزيمته يوم 5 يونيو قبيل خلعهم من الحكم، أو الدعاء على الداخلية.. هى حملة الدعاء على «الانقلابيين»! أى هو الدعاء على كل من لا يؤيد جماعة الإخوان المسلمين، يطلبون من الله أن ييتم أطفالهم، ويسبى نساءهم، ويذل أعناق رجالهم، ويكتب عليهم الفقر والذلة والمسكنة! هذه مطالب يقدمها أنصار الجماعة إلى الله كى ينزلها على ملايين المواطنين من سكان هذه المنطقة من العالم! والله يستجيب.. وينزل بهم هم كل ما يدعون به على غيرهم.
الجماعة ليست معنية بخبز المواطن، ولا بكرامة المواطن، ولا بحرية المواطن، ولو كانت معنية بكل هذا لسعت لتحقيقه للمواطنين إبان فترة حكمها، لكنها معنية بحكم المواطن، ماذا وإلا أنزلت به العقوبة وابتهلت إلى الله أن يعاقبه فى الآخرة، بينما هم يتولون عقابه فى الدنيا. لأن الجماعة تتعامل معنا بوصفنا القرية الظالم أهلها، وبأنهم هم بنو إسرائيل، وبأننا نحن قوم فرعون، فهم يقاتلون من أجل استعلائهم وتكبرهم على خلق الله، لا من أجل وطن أفضل لكل المواطنين.
طب يافندم إحنا شعب ابن ستين فى سبعين، حتى القرآن أورد الدعاء على لسان المؤمنين المقيمين فى دار الكفر: ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها. ولم يورد على لسانهم: ربنا عذبهم وخلينا نحكمهم بالعافية.
من منطلق إنسانى بحت، تعاطفت بشدة مع النساء اللاتى تم القبض عليهن من جماعة الإخوان، واللاتى خرجن من السجن بحمد الله، لكن لى سؤال للجماعة: لماذا تصفون نساءكم بأنهن «حرائر مصر» دون غيرهن وكأن بقية نساء مصر من البغايا؟ ولماذا تفرحون حين يشتكى الناس من تعطل المرور وتقولون بفخر: إحنا اللى عملنا كده؟ ولماذا تصفون قتلاكم، والذين تعاطفت معهم أيضا من منطلق إنسانى، بأنهم «الشهداء الأطهار» وكأن كل من قتلوا على مدى عامين ونصف، منهم من قتلتموهم أنتم، كانوا «قتلى أنجاس»؟
السؤال الأهم: لماذا لا تكفون عن ترديد مخاوفكم بشأن «عودة الدولة الأمنية»؟ هى الدولة الأمنية كانت راحت فين لا سمح الله؟
واقع الأمر أن الدولة الأمنية كانت فى أوجها وقت أن اختطف محمد الجندى وتم تعذيبه حتى الموت، وسجن أحمد دومة بتهمة إهانة الرئيس، وقتل أبو ضيف وهو يغطى اعتصام الاتحادية، وقنص محمد كريستى وهو يتظاهر بالقرب من الاتحادية، وضربنا نحن بمدرعات الداخلية وغازها أمام مقر المقطم، وعجت المشرحة بجثث الأطفال الذين برر مرسى اعتقالهم وقتلهم بقصة متهافتة عن طفل تقاضت أمه 600 جنيه لترسله للمظاهرات، وتم تحويل أمة الله، مع دومة وحازم عبد العظيم وعلاء عبد الفتاح إلى محكمة الجنايات بتهمة ضرب 125 إخوانيا. ما جد فى ما يسمى بالدولة الأمنية هو أن قوات الأمن عادت لتطارد جماعة الإخوان وأعضاءها وأنصارها، ولو أن «الدولة الأمنية» تكتفى باعتقال النشطاء وتقيم حد الحرابة على المتظاهرين ضد الإخوان، كما كان يطالب الدكتور محمد سليم العوا لابتهجت الجماعة وأنصارها، بل ولاستخرجوا الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لتبرير ذلك كما فعلوا فى السابق، وكما كانوا دوما يفعلون.
ثوب النضال لا يناسب الجماعة ولا أنصارها، كما لا يناسبها الهتاف ضد الحكم العسكرى بعد أن بايعت المشير طنطاوى أميرا فى يوليو 2011، فى جمعة قندهار الشهيرة، ولا يناسبها هتاف «الداخلية بلطجية» لأنها هى من عينت محمد إبراهيم وزيرا للداخلية، ولأنها كانت تدعو لإقامة حد الحرابة على المتظاهرين ولأنها فضت اعتصاما بيد أنصارها وقتلت فيه من قتلت وعذبت وسحلت، فالجماعة لا تناضل، وإنما تعاقب الشعب المصرى على خلعها، وستدفع الجماعة وأنصارها ومؤيدوها ثمن حماقاتهم واستعلائهم وتصوراتهم المريضة بأنهم يجب أن يفرضوا الإسلام على المجتمع الكافر والشعب الذى يصفونه بالعبيد، وسيكون ثمنا باهظا، مُرًّا، مؤلما، وسيكون أسوأ بكثير من كل ما دفعوه ثمنا لحماقاتهم السابقة.