وائل عبدالفتاح يكتب | بالقرب من الجريمة الكاملة
1- ماذا تريد مصر من القضية الفلسطينية؟
مثل أيام مبارك: النظام لا يريد ترك القضية لأنها أحد أسرار البقاء والقوة فى محيط عربى.. كما أنه لا يريد لعب نفس الدور القديم (لا الحنان ولا حتى القسوة).. يريد فقط الاستمرار فى موقع الإدارة لكن بمفهوم غير واضح لأحد.
2- هل المطلوب إعلان الحرب ضد إسرائيل؟
المزايدون طبعا سيتلعثمون، لأنه لا أحد يريد الحرب حتى من يطنطن فى خطابه بها ويشرخ حنجرته بشعارات «على القدس رايحين شهداء بالملايين».. لأن المطلوب بناء «قوة» فى مواجهة الإرهاب الإسرائيلى.
وفى المقابل فإن منطق «سيب القضية واخلع وارتاح» هو شعبوية ساذجة تريح الجمهور المرهق من التفكير فى عودة شبح الحرب.. والسيسى عندما أرسل مدير المخابرات إلى تل أبيب قبل «الجرف الصامد» بأيام قليلة، لم يكن ذلك إعلانا للاستقالة من القضية.. ولكنها مشاركة مطلوب أن نعرف اتجاهها.. وإلا ما السر وراء الزيارة؟
3- هل نلعب فى ملعب «حماس»؟
«حماس» قامت على الفراغ الفلسطينى الكبير وأفرغت القضية من محتواها التحررى، وجسدت خط الإخوان فى تحويل القضية إلى صراع دينى مطلق، يعتمد على خزعبلات «هرمجدون» التى يشربها المنتمون إلى هذه التيارات.. والتحجج بالصمت فى مواجهة الجريمة الإسرائيلية بأن هذا تأييد لحماس ليس سوى قلة حيلة أو عجز لأنه فى مواجهة ابتلاع حماس وبدلا من اتخاذ العلاقة معها كورقة عند الإسرائيليين كما كان يحدث أيام عمر سليمان.. لماذا لا تلعب مصر «سياسة» بدلا من العبث المستمر من أيام مبارك؟
4- هل يمكن إلقاء فلسطين فى البحر؟
دفعنا غاليا ثمن خرافة إلقاء إسرائيل فى البحر، وسندفع أكثر من تحول فلسطين إلى استعراض للوحشية الإسرائيلية.. ولا يخضع الموقف لعناصر هوياتية (عروبة وإسلام) وإن كان لا يخلو من تأثيرهما، لكنه بالأساس هو موقف من الجرائم ضد الإنسانية وإسرائيل الرمز الباقى والمتجسد لنظام تأسس على جريمة.. نظام عنصرى/ دينى/ توسعى/ إقصائى/ عدوانى/ استيطانى.. ووجود هذه الكبسولة الإجرامية لن يتم إلا عبر استعراض التوحش.. وهذا ما يحرك التجمعات المتيقظة فى أوروبا/ التى لا تحركها شعارات شرخ الحنجرة، بل تحركها مواجهة الجريمة الإنسانية الكاملة التى تعبر عنها إسرائيل.
5- ماذا يعنى شعار «مسافة السكة»؟
الحنان المصرى يرتبط بتوازنات لم تخرج بعد عن حدود نظام مبارك. لم يقدم جديدا فى توازنات القوى، ما زالت بروباجندا السيسى تدور حول «عقل» وحكمة الخطاب البارد. وما زال الكلام كله يدور حول فتح المعبر وإغلاقه.. ما زالت الشعارات هى السائدة.. ولهذا فإعلان شعارات مثل «مسافة السكة» لن يحدث سوى فقدان مصداقية.. وفى المقابل فإن الإلحاح على تنفيذ الشعار يعنى فقدان القبول الشعبى الذى لن يقبل بفكرة الحرب من جديد.. لكن الضغط السياسى لا بد أن يكون فى إطار إعادة بناء سياسة مصرية لا تقوم على الشعارات ويمكنها أن تفعل.. لا أن تقف بهذا البرود أمام استعراض وحشى على الحدود، وتكتفى بإرسال معونات بعد اليوم الثالث، بينما أجهزة البروباجندا تدور فى فراغها التافه «حماس.. الإخوان.. حماس.. الإخوان».