مجموعة سعودي القانونية

وائل عبدالفتاح يكتب | ما يمكن قوله فى الغاز والكهرباء وإسرائيل

وائل-عبد-الفتاح

 

1– الغاز الطبيعى هو أول الخيط فى فهم أزمة الكهرباء ودخول مصر عصر الإظلام التدريجى.

2- محطات الكهرباء كانت تعمل حتى 2004 بالغاز الطبيعى.. وبالإضافة إلى احتياجها إلى الصيانة وإنشاء محطات جديدة لاستيعاب زيادة الاستهلاك الطبيعية.. كان من الضرورى ضمان مخزون من الغاز يجعل المحطات آمنة.

3- لكن القرار السياسى بتصدير الغاز الطبيعى إلى إسرائيل كان بداية المأساة، ليس بمعنى أيديولوجى أو سياسى، ولكن بمعنى يمس الحياة.. معنى يكشف أن الدولة/ بما وصلت إليه مع مبارك وتركيبته وعصابته/ بما أنها تأكل المستقبل لا تسهم فى صنعه/ أو تتعامل على أنها الجيل الأخير ولتنتحر الأجيال القادمة/ وهذا سر من أسرار الانحطاط.

4- المدهش أن هذا يتم بمنطق عجيب كشفه اللواء محمد فريد التهامى مدير المخابرات فى شهادته أمام محكمة القرن (التى يحاكم فيها مبارك وعصابته) عندما قال: «فى هذا التوقيت كان يعطى الغاز لإسرائيل كنوع من التشجيع لانسحابها من سيناء، والنائب عمر سليمان كان يحاول إيجاد مصادر تمويل والاستعانة بالتمويل للمخابرات العامة والصرف على الأجهزة الأمنية، لأنها كانت تحتاج إلى مصاريف كبيرة».

5- والشهادة كاشفة لواقع تعاملت فيه الأجهزة بأنها «صاحبة» أو «مالكة» البلد تتصرف فى ثرواتها أو مواردها لتحل مشكلاتها الإدارية.. وهذا ما يجعل شبح الكهرباء جاثما وقاتلا ومثيرًا للرعب.. وغير قابل للحل قريبا، فالدولة التى أكلت نفسها وتعاملت على أن وظيفتها «تأبيد اللحظة الراهنة» حولت الحياة إلى جحيم أرضى.

6- جحيم لا يخلو من عبثية لا يمكن تخيلها، فالمازوت أساسا وقود احتياطى يستخدم عند الضرورة، وهو ما جعل استخدامه يدمر محطات الكهرباء تدريجيا، لأنه كان ومنذ خمس سنوات غير مطابق للمواصفات وهو ما خسرت الشبكة القومية للكهرباء بسببه ١٦٠٠ ميجاوات.. وتبع ذلك خسارات متلاحقة بسبب عدم الصيانة أو عدم القدرة على توفير المطلوب من الغاز، وذلك بعد فشل الحصول على حق مصر فى الحقول البحرية.. بل والتنازل عنها فى عهد عدلى منصور.

7- هكذا لم يعد أمام مصر إلا استيراد الغاز من إسرائيل.. وهناك بالفعل مفاوضات على استيراد غاز بـ60 مليار دولار.

8- والخبر منشور فى صحيفة «المال» ويتحدث عن تفاصيل تمنح لتراجيديا الغاز المصرى بُعدها الكوميدى… حيث تتوازى مفاوضات الهدنة فى غزة مع مفاوضات شراء غاز طبيعى من شركات إسرائيلية وتوصيله إلى محطات التسييل (الوحيدة) فى ميناء دمياط ومدينة إدكو الساحلية فى مصر.

9- وحسب الخبر فإن «اتفاقيات توريد الغاز الإسرائيلى لمصر من المتوقع أن يتم إبرامها قبل نهاية العام الجارى، والتى ستورد بمقتضاها فرع شركة نوبل الأمريكية فى إسرائيل ووحدات من شركة ديلك جروب الإسرائيلية نحو 6.25 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعى من حقول تامار وليفياثان فى البحر المتوسط لمحطات التسييل المصرية».

10- وما زال فى التراجيديا ما يضغط على حسها المرير، ففى الخبر يقول دافيد شريم مدير إدارة الصناديق بشركة سفيرا فى تل أبيب، إن تصدير الغاز لمصر أفضل وأسرع من بناء محطات تسييل جديدة داخل إسرائيل، لا سيما أن الاتفاقيات التجارية تقوى العلاقات بين مصر وإسرائيل بعد خلع حكومة الإخوان التى كانت ترفض اعتبار إسرائيل شريكا تجاريا.

11- وهكذا يمكن أن ندرك أن أزمة الكهرباء لم تسقط من السماء ولا وليدة مؤامرات ولا يمكن حلها بغضبة السيسى.. أو باستعراضات محلب (الذى يصر على استخدام المازوت والفحم.. كوقود مدمر للمحطات أو الباقى منها).. كما أنها ليست بسبب الأحمال أو الاستهلاك الزائد.. إنها أزمة تحتاج إلى نسف العقول القديمة الفاسد منها والفاشل.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر:الدستور الاصلى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *