وائل عبد الفتاح يكتب | بمناسبة يوم القيامة الذى لم يأت
1- لم تكن «انتفاضة الشباب المسلم» ولا «حرب الهوية».. مجرد «اشتغالة» أو «هزار سخيف» من بواقى قيادات الإسلاميين.. لكنه قدر عقول منظمى اليوم السخيف فى كل شىء بداية من شعاراته إلى ما انتهى إليه من تأكيد أن السياسة هى عملية صناعة «الفنكوش».
2- الذى فكر فى اليوم وأداره والذين شاركوا من الخارج (الإخوان والنظام معا) يثبت أننا جميعا تحت سيطرة عقل سينما المقاولات.. ومنذ أول فيديو لدعوة حرب الهوية وحتى آخر خبر تنشره صفحتهم لا يخفى تأثر صاحب الفكرة برامى خشوع فى فيلم «بطل من ورق».
3- ليست البطولة الورقية فقط، لكنه خيال كامل يعيش على هامش الواقع، ويصر على شغل الناس به.. فكيف مثلًا تتخيل أن الدعوة إلى الدفاع عن الهوية ستؤثر مما أثرت فى التسعينيات.. أو ما قبلها.. كان يمكن لجماعات وتنظيمات تجد لنفسها مكانًا بهذه الفكرة تفسيرًا للقمع والظلم والقهر.. لكن كيف الآن والمساجد أضعاف المستشفيات والميكرفونات تدخل إلى غرف النوم بأصوات الأذان.. وأسماء الشوارع والمحلات بأصوات الصحابة.. وملابس النساء والصوت المصاحب فى صعود الأسانسير، وأول كلمة بعد ألو فى التليفون.. كيف يمكن تفسير الأزمة فى مصر على أنها أزمة هوية أو.. حرب على المصاحف.. أو معركة على الدين؟!
4- كيف يمكن أن تتخيل أن الفكرة ستمر.. إذا كانت الدولة تنافس على نفس السوق.. وعندما تحدثت عن حرق المصاحف أو دوسها بالأحذية… فنشرت لك أجهزة إعلام الدولة جنودها وهم يقبلون المصاحف… أعتقد أن هذا خيال استبدادى لم يرحل منذ فيلم صلاح الدين الأيوبى.. وذلك العالم الموازى من بلاغة تستبدل الواقع.. ورموز استهلاكية تحل محل الأفكار.
5- فكرة الهوية وكما قدمها أصحاب انتفاضة الفنكوش… تحتقر قيما أكبر من ذلك السخف كله.. إنها تتصور أن المسلمين هم أسياد هذه البلد.. وأنهم رحماء طيبون مع جيرانهم.. وأنهم وحدهم لهم الحق فى تحديد «هوية» البلد وفرض سياساته كما يفرض الغزاة المنتصرون سلطاتهم.. وهذه فكرة تستقطب شرائح من مرضى نفسيين يبحثون عن التميز ويعتبرونه سر التفوق على البشر.. هؤلاء المرضى ينتهى بهم الحال فى الحالات الفردية إلى تنظيم المرور فى الشوارع والصراخ فى الناس.. لكنهم هنا يقدمون أنفسهم على أنهم الطليعة المؤمنة.. التى ستنقذنا من ضلال الحكم العسكرى.. متناسين أن أسلافهم من قيادات نفس التنظيمات وفى جمعة قندهار الأولى نظموا مليونية الدفاع عن الهوية الإسلامية.. وتأييد المجلس العسكرى.
6- وهنا تكون انتفاضة الفناكيش.. قد حققت أهدافا من أهمها: «إعادة بناء الخوف».. وأخطرها تصوير السياسة على أنها «لعب عيال».
7- أما الإخوان فإنهم فى أتعس حال.. يريدون العودة إلى التأثير بالارتباط بأى فكرة.. وفضح ترددهم بين «تثمين» المظاهرات ودعوتها إلى «حقن الدماء».. وهى بيانات بالعربية تسرب بينها بيان بالإنجليزية ينفى تمامًا صلة الجماعة بالانتفاضة..
هذا وما دامت الحرب لم تقم والقيامة لم تأت.. فللحديث بقية..