مجموعة سعودي القانونية

وائل عبد الفتاح يكتب | ماذا تقول لنا حكاية «فالكون»؟

وائل-عبد-الفتاح

هل عرفت «فالكون» لماذا فشلت؟

«فالكون» غالبا لن تكون مهتمة بتحليل ما حدث، لأنها تدرك وتؤمن أنها شركة ناجحة، لأنها قريبة من «السلطة» أو بمعنى أكثر واقعية: عندها مفاتيح مغارات النعيم السلطوى…. إن لم يكن كلها، فعلى الأقل عند المستوى الذى تقترب فيه من الدائرة الأمنية الملاصقة لكل من جمال مبارك والفيلد مارشال السيسى، على اختلاف الظروف والزمن والمجتمع والناس.. بل إن المؤسسة العسكرية نفسها تركت لها إدارة منشأة عسكرية (وهذا يعنى الكثير) هى استاد الدفاع الجوى… (وهى سابقة تشير إلى تغير العالم وتحوله…. ونحن لا ندرى، فكيف تتخلى الدولة بشكلها القديم عن مهمتها الأثيرة وسر وجودها الأمن…).

هذا سر سيقال عنه الكثير، وتتكشف تفاصيله التى هى أكثر تعقيدا من أن «فالكون» شركة خلفية لأجهزة مخابرات، أو أن مديريها أو أصحابها هم من ضباط كبار سابقين… وهذا من أعراف شركات الأمن الخاصة… ولا يمنح لـ«فالكون» هذا الحضور الخرافى الذى جعل عمالتها ترتفع من ٤٠٠ موظف إلى ٩٠٠٠ موظف وهى أعداد أكبر من وحدات فى الشرطة أو الجيش.

من تركها تتضخم وإلى الحد الذى يمكنها أن تتحول إلى «ميليشيا» ملاكى لمن يملك قرارها أو يوجهها لمصالحه؟

لكن انشغالى بمن يربى الوحش انحسر تماما بعد ما رأيته من انسحاب، وجرجرتها ما تبقى من هيبتها أمام غضب الطلاب فى عدة جامعات…. لماذا فشلت بهذه السرعة؟ أصبح السؤال الأهم..

فشلت «فالكون» بعدما دخلت القالب الذى تواجه به السلطة أى تجمع من الناس فى مصر.. لا فرق بين جماهير كرة القدم… ولا بين طلاب جامعة.. كلها بنفس الطريقة المتعجرفة التى ترى فى الجمهور الكبير وحشا لا بد من ترويضه بالإهانة والاحتقار والتجريد من كل الحقوق التى للبشر.

والموظف فى «الفالكون» استعاد خبرات الضابط فى الأجهزة الأمنية المنتمية لعالم الدولة القديم، حيث كانت الدولة تحتكر العنف ومن تحته تحتكر الإهانة والإذلال والقهر ونزع الكرامة..

وهى موروثات أجهزة أمنية ابتلعتها «الفالكون» كلها… أو ربما وحدها دون بقية عناصر الكفاءة والتدريب والتجهيز لاستقبال ملايين الطلاب… فى وقت واحد…وبدلا من التدريب على توفير الحماية.. انشغلت «الفالكون» بكيفية ممارسة التسلط والعنجهية والنفخة الكذابة، التى لم تقرأ تاريخ الطلاب باعتبارهم فى العالم كله… كتلة خارج الترويض، لم تستطع السلطة تدجينها… لكن كيف للسلطوى الفاشل أن يقرأ التاريخ إن كان يقرأ شيئا غير خطابات الأمر المباشر أو تعليمات صاحب القرار، أو غيرها من بريد الآلهة الذين يصنعون وحوشهم…. ولم يدركوا بعد أنها وحوش صينى تفسد بعد يوم واحد فقط..

حكاية «فالكون» تقول لنا: إن السلطوية بهذه التركيبة فاشلة… وإنها ستظل تدور فى مكانها…. تثير السخرية والغضب.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر:الدستور الاصلى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *