وثيقة نادرة : حكم هيئة كبار العلماء في كتاب الاسلام وأصول الحكم للشيخ على عبد الرازق
وثيقة نادرة : حكم هيئة كبار العلماء في كتاب الاسلام وأصول الحكم للشيخ على عبد الرازق
( من وثائق كتاب ازدراء الأديان ـ للأستاذ حمدي الأسيوطي )
عن كتاب الاسلام واصول الحكم الشيخ على عبد الرازق ، جاء من بين من وثائق كتاب ازدراء الأديان لحمدى الاسيوطى المحامى وثيقة هامة هي حكم هيئة كبار العلماء فى الكتاب ننشرها لأهميتها
” أ ) ان الدين الاسلامى بإجماع المسلمين ما جاء به النبى صلى الله عليه وسلم من عقائد . وعبادات ومعاملات لإصلاح امور الدنيا والآخرة وكتاب الله تعالى وسنة رسوله كلاهما مشتمل على احكام كثيرة فى امور الدنيا وأحكام ثيرة فى أمور الآخرة . ومن الخطأ القول بإن أمور الدنيا قد تركها الله ورسوله تتحكم فيها عواطف الناس وشهواتهم والقول بأن ما جاء به الإسلام إنما هو للمصلحة الأخروية لا غير وأن المصلحة المدنية او المصلحة الدنيوية مما لا ينظر اليه الشرع السماوى ولا ينظر اليه الرسول ، وبعبارة أخرى من الخطأ القول بأن الشريعة الأسلامية شريعة روحية محضة جاءت لتظيم العلاقة بيم الإنسان وربه فقط ، اما ما بين الناس من معاملات الدنيوية وتدبير الشئون العامة فلا شأن للشريعة به وليس من مقاصدها .
(ب )وان القول بأن الدين لا يمنع من ان جهاد النبى صلى الله عليه وسلم كان فى سبيل الملك لا فى سبيل الدين ولا لابلاغ الدعوى الى العالمين قول مخالف للدين ونصوص القرآن الكريم وللسنة النبوية ولا جماع الامة ، ومثله القول بأن نظام الحكم فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم كان موضوع غموض ا وابهام او اضطراب او نقص وموجبل للحيرة وان مهمة النبى صلى الله عليه وسلم كانت بلاغا للشريعة مجردا عن الحكم والتنفيذ
( ج )ومثله إنكار إجماع الصحابة على وجوب نصب الإمام وعلى انه لا بد للأمة ممن يقوم بأمرها فى الدين والدنيا
( ء ) وكذلك من يجوز ان تكون الزكاة والجزية والغنائم ونحو ذلك فى سبيل الملك ايضا ويجعل كل ذلك خاجا عن حدود رسالة النبى صلى الله عليه وسلم ولم ينزل به وحى ولم يأمر به الله سبحانه وتعالى ، وكما انه يعتبر ملحدا من يجوز ان يكون الجهاد فى سبيل الملك ومن الشئون الملكية يعتبر ملحدا مثله من يجوز أن تكون الزكاة والجزية والغنائم ونحو ذلك فى شغل الملك ايضا ويجعل كل ذلك خارجا عن حدود رسالة النبى صلى الله عليه وسلم لم ينزل به وحى . ولم يأمر به الله .
( ه ) وكذلك من الخطأ إنكار أن القضاءوظيفة شرعية وأنه خطة سياسية صرفة لا شأن للدين بها ، لأن القضاء ثابت بالدين والمعروف أن القضاء من فروض الكفايات واذا لم يكن القضاء فرضا عند بعض الائمة فهو سنة ، والمسنون من الخطط الشرعية ( و ) ويلحد ايضا من يقول بأن حكومة ابو بكر والخلفاء الراشدين من بعده رضى الله عنهم كانت دينية ، لأن الطبيعى المعقول عند المسلمين الى درجة البداهة ان زعامة ابى بكر رضى الله عنه كانت دينية .يعلاف ذلك المسلمون سلفهم وخلفهم جيلا بعد جيل ، وقد انعقد على ذلك إجماع الصحابة رضى الله عنهم اجمعين وبايع ابا بكر رضى الله عنه جماهير الصحابة من أنصار ومهاجرين على انه القائم بأمر الدين فى هذه الأمة بعد نبيها محمد صلى الله عليه وسلم ومثله فى هذا بقية الخلفاء الراشدين ( ز ) أن الدين الأسلامى فى جملته وتفصيله يحارب البلشفية ،لأن البلشفية فتنة فى الأرض وفساد كبير . الا ترى ان الدين الأسلامى قد وضع انظمة للمواريث يلجأ اليها احيانا غير المسلمين واوجب على المسلمين مقادير من الصدقات تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم . وامر بإقامة الحكومة الدينية العادلة التى تحفظ لكل ذىى حق حقه ولكل عامل ثمرة عمله وجعل للدماء والأعراض والاموال حرمة لا يجوز إنتهاكها وضرب على ايدى المفسدين فى الأرض .
( ح ) ان القول بكل هذا لا يناسب وصف العالمية وفاقا للمادة 01 من القانون رقم 10 لسنة 1911 التى تنص على انه اذا وقع من احد العلماء ايا كانت وظيفته او مهنته ما لا يناسب وصف العالمية يحكم عليه شيخ الجامع الأزهر بإجماع تسعة عشر عالما معه من هيئة كبار العلماء بإخراجه من زمرة العلماء ويترتب على هذا الحكم محو اسم المحكوم عليه من سجلات الجامع الأزهر والمعاهد الأخرى وطرده من كل وظيفة وقطع مرتباته فى اى جهة كانت وعدم اهليته للقيام بأية وظيفة عمومية دينية كانت او غير دينية الحكم الصادر من المجلس المخصوص بوزارة الحقانية فى شأن الكتاب .
وقد رتب الحكم على ذلك أن :
(أ) الحكم الذى يصدر من هيئة كبار العلماء بإخراج عالم من زمرة العلماء يترتب عليه طرد المحكوم عليه من كل وظيفة وقطع مرتبه فى اية جهة كانت .
(ب) إن مجلس تأديب القضاة الشرعيين هو الذى يملك عزل القضاة الشرعيين بصفة نهائية – وهو كذلك بطبيعة الحال الجهة المنوط بها تنفيذ الأحكام الصادرة من هيئة كبار العلماء .
( ج )إن الفقرة الثانية من المادة الأولى بعد المائة من القانون رقم 10 لسنة 1911 الخاص بالجامع الأزهر والمعاهد الدينية الإسلامية تنص على ان الحكم الصادر من هيئة كبار العلماء لا يقبل الطعن ، فيلزم من هذا أنه ليس لاية سلطة قضائية أن تلغيه او تبحث عن صحته كما يلزم منه أن سلطة مجلس التأديب مقصورة حتما على النظر فيما ترتب على حكم هيئة كبار العلماء من النتائج القانونية .
(ء)إن القانون رقم 10 لسنة 1911 الخاص بالجامع الأزهر والمعاهد الدينية العلمية الإسلاميةأجاز لهيئة كبار العلماء محاكمة العالم أيا كانت وظيفته او مهنته .
(ه) إن عبارة ( ما لا يناسب وصف العالمية ) الواردة فى المادة الاولى من القانون رقم 10لسنة 1911 جاءت عامة مطلقة منكل قيد فتدخل فيها الأفعال الشائنة التى تمس كرامة العالم كالفسق وشرب الخمر ولعب الميسر وما اشبه ذلك مما يتعلق بالسلوك الشخصى كما يدخل فى ضعف العقيدة الدينية ، لأن وصف العالمية يفترض بذاته فوق السلوك الشخصى كفاية علمية خاصة وعقيدة معينة ، ولا شك ان هيئة كبار العلماء هى المختصة دون غيرها بالفصل فيما اذا كانت هذه العقيدة مطابقة او غير مطابقة للدن وفيما اذا كان صاحبها قد ارتكب او لم يرتكب ما لا يتناسب مع وصف العالمية . فهيئة كبار العلماء ليست هيئة مدنية ولا مجرد هيئة أخلاقية حتى يقصر عملها على مراقبة السلوك الشخصى للعلماء ، وانما هى قبل كل شى هيئة دينية الغرض من تكوينها رعاية أصول الدين ومبادئه وصيانتها من العبث .
( و ) أن وظيفة القاضى الشرعى هى من وظائف العلماء اى وظيفة دينية لا تحل الا لمن كان مقرا له بأنه من رجال الدين ، فالحكم الصادر من هيئة كبار العلماء بإخراج قاضى شرعى من مرة العلماء يفقده وصف العالمية المشروط توفرها لكل قاض شرعى ، وبفقدان وصف العالمية ينتفى اهم شرط لتوليه القضاء .