مجموعة سعودي القانونية

وائل عبدالفتاح يكتب | يفضحون أنفسهم

وائل-عبد-الفتاح

هذه فضيحة/ جريمة، لكنهم لا يخجلون منها، ولا من الاعتراف بأنه كان يفعل ذلك بتصاريح تحت الطلب من نيابة أمن الدولة العليا.. لا خجل.

واعترافات العادلى ومن تلاه كاشفة.. وربما هى الأخطر بعد اعترافات صفوت الشريف فى قضية انحرافات جهاز المخابرات سنة ١٩٦٨.

اعترافات العادلى تجاوزت صفوت الشريف بفضحها تدنى مستوى القائمين على الجهاز المرعب، هل هؤلاء هم الوحوش المرعبة التى تحمى مصر؟ هل هؤلاء هم الذين حفظوا أمن كرسى مبارك؟

عند اقتحام مقر جهاز أمن الدولة كان الأخطر من دخول «عاصمة جهنم» -كما كانوا يسمّونها- ذلك الدخول الذى كان تحت عين ونظر الشرطة العسكرية (عندما كان الجيش فى مرحلة حماية الثورة، والمقر رمز الظلم والإذلال)، كان الأكثر إثارة هو اكتشاف هشاشة «الجهاز»، وأن صانع الرعب الذى تربينا على صورته الخرافية، كوحش متعدد الأيادى يصلك أينما كنت، ولديه أذن كبيرة وعين أكبر وقدرات فوق العادة لمعرفة دبة النملة، وقدرة الفيل على اللف فى منديل.

اكتشفنا بعد يناير واقع الأجهزة التى تترك مهمتها فى الأمن والحماية، وتتضخم لتحكم أو لتبتلع الدولة كلها. اكتشفنا ضعفها وركاكتها، وأنها تستمد قوتها من شعورنا بالضعف والهوان والاستسلام للذل والمهانة.

اكتشفنا أن جهاز أمن الدولة ليس قويا إلا بتفاهات من عصور بدائية تكسر الروح بإهانة الذكورة عند رجال يجبرهم الضابط على ارتداء فساتين الرقص الشرقى، والدوران فى ما يُشبه حفلات رقص، يردّد فيها المعتقل: «أنا مَرَة».

لم يفهم الذين دخلوا مكتب العادلى فى أمن الدولة لماذا عثروا فى مكتب الضابط على بدلة الرقص؟

خيالهم ذهب بعيدا، متصورا أنها أدوات حفلات متعة تشحن الوحوش من أجل حفلات التعذيب. لم يفهم أنها أدوات إذلال بالضبط مثل تصوير اللقاءات الجنسية وتسجيل مكالمات غرامية، هى أدوات حوّلت المخابرات فى عهد عبد الناصر إلى «كباريه سياسى»، يقوده عقل مهوَّس بالألعاب الجنسية والمخابرات كانت «جهاز» عبد الناصر، كما أن «أمن الدولة جهاز» مبارك، وعلى اختلاف الزعيم عن الموظف، مع تضخم الاحتياج إلى الأمن دون سياسة، انتهى كل جهاز إلى نفس المصير: السقوط المهين.

سلالة واحدة تقريبا تولد من الديكتاتوريات الكبيرة، حين يصبح الشعب هو الهدف، والرأى جريمة تستلزم إنشاء جهاز أمنى خاص بها.

صفوت الشريف فضح جهاز المخابرات عندما حاكمه عبد الناصر نفسه، لكن يبدو أن هناك مَن يتصور أن الذين فضحوا أنفسهم وكشفوا أنهم لم يكونوا سوى بلطجية كباريهات يريد أن يحاكم المفضوحين شعبا أسقطهم.

هل العادلى هو الأمن؟ وعودته منفوخا هو ورجاله برواياتهم العاطفية واعترافاتهم التى لا تخلو من كشف عن الركاكة هى «الأمن الذى أراد الناس عودته بعد الثورة»؟

هل سيحاكم الناس فى مصر على أساس رواية المفضوحين بلسانهم؟

هل ستصبح رواية الأوغاد الذين نشروا الإذلال والمهانة وأورثوا لتربيتهم من الإرهابيين هى المعتمدة فى أروقة النيابات والمحاكم؟

المصدر:الدستور الاصلى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *