مجموعة سعودي القانونية

عمرو خفاجى يكتب |  هناك من يعمل

عمرو-خفاجى

جاءت زيارة كاثرين آشتون الأخيرة للقاهرة كاشفة عن تطور العلاقات المصرية الأوروبية بعد شهور من الجفاء، وصفها البعض بالعداء، فى إطار صراع غلبت عليه انحيازات دولية ضد الرغبة الشعبية الجماهيرية، التى كانت مؤيدة لما جرى بداية من النصف الثانى من العام الماضى، أما ما يلفت النظر حقا فى تصريحات السيدة أشتون، إشادتها بالجهود المصرية فى تحسين هذه العلاقات، حيث ذكرت صراحة أن جهود نبيل فهمى فى زياراته للبرلمان الأوروبى ساعدتها فى تصحيح الصورة لأعضاء البرلمان، والذى ساهم كثيرا فى تغيير المواقف تجاه ما يجرى فى مصر، وفقا لتعبيرها، وهى شهادة على ما تبذله وزارة الخارجية فى إعادة رسم صورة مصر لدى هذه البلدان، حيث لم يستسلم الوزير فهمى للتيار الأوروبى المناهض لعزل مرسى والمضاد لنظام الحكم المؤقت، وظل يعمل فى صمت لتبديل الصورة وتصحيحها، حتى جاء الاعتراف من المعارضة الأولى لما حدث، فقد أدركت أخيرا حقيقة الأمور واكتشفت أن ماحدث موجة ثورية عارمة رغبت فى رحيل الجماعة ورئيسها من سدة الحكم فى البلاد.

المدهش حقا إن اعتراف أشتون جاء فى ذات الأسبوع، الذى أشاد فيه المبعوث الأفريقى عمر كونارى بجهود وزير الخارجية فى كسر قرار مجلس السلم والأمن الأفريقى من خلال جولاته فى أفريقيا ونجاحه فى إقناع الاتحاد الأوروبى بضرورة دعوة مصر للقمة الأوروبية ــ الأفريقية الرابعة، وهو ما يعد تقدما مذهلا فى موقف النظام الحالى على الساحتين الإقليمية والعالمية، بعدما كانت مصر فى موقف لا تحسد عليه منذ تسعة أشهر فقط، وكان من الصعب تصديق أن الموقف سيتغير بهذه السرعة وبتلك الكيفية التى بدأت تضع مصر، خارجيا، فى مكانة تليق بتاريخها وبحجمها.

ولا يمكن ونحن نتحدث عن وزير الخارجية نبيل فهمى إلا ونذكر ما قام به أيضا لمنع التمويل الدولى عن سد النهضة الإثيوبى، كإجراء مبدئى لازم فى هذه المعركة، فبعد زيارات خاطفة لإيطاليا والصين وروسيا وكوريا الجنوبية. واتصالات خاصة مع البنك الدولى، نجح فى مهمته ليبقى على أمل حل الخلاف بما يحقق المصالح المصرية، خاصة أن النظام السابق أضر كثيرا بالموقف المصرى فى هذه القضية بعد فضيحة اجتماع مرسى مع القوى السياسية، والتى تردد مؤخرا أن إثيوبيا وزعت شريط هذا الاجتماع على رؤساء دول أفريقية وبعض برلمانتها.

ما فعلته الخارجية يكشف عن كفاءة هذه المؤسسة إذا كان على رأسها رجلا يعرف ماذا يفعل، وهو يعيد إلينا الدور الذى قام به الدكتور فوزى أشهر وزراء خارجية مصر الذى كان سندها فى جميع أزمات التحول خلال حكم عبدالناصر، فمصر ليست بالدولة المحدودة حتى تتقوقع على نفسها، فمكان مصر ومكانتها، يفرضان عليها المساهمة القائدة فى الإقليم، والمشاركة الواسعة فى المشهد الدولى، كان الدكتور فوزى يعرف قدر مصر ومكانتها، لذا استطاع أن يصيغ سياسة خارجية جعلت مصر من دول المقدمة فى العالم، نبيل فهمى، بما يفعله الآن، يعيد صياغة سياسة مصر الخارجية، فى هدوء، بحثا عن عودة لمكانة تستحقها هذه البلاد التى أساء لها كثيرون، وبصراحة لا يمكن التفكير فى مستقبل مصر داخليا، دون أن يكون ذلك مدعوما بموقف خارجى يلائم طموحات الداخل، وأعتقد أننا اجتزنا عقبات صعبة وعدنا من جديد للوقوف على عتبات طريق يليق بنا، كنا قد حدنا عنه بما فعله بعض من حكمونا، والمهم الآن إستكمال ما حققناه، فالطريق، فى تقديرى، وعر وصعب، ويحتاج المزيد من جهود الخارجية، والتى تحتاج بدورها دعما فى الداخل حتى تحقق ما نتمناه فى الخارج.

 

 

 

 

 

المصدر:الشروق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *