مجموعة سعودي القانونية

عمرو خفاجى يكتب |  ثورة الإنترنت

عمرو-خفاجى

كان أهم ما يميز ثورة يناير أنها كانت مسنودة بدرجة كبيرة على الحياة الإلكترونية، وكثيرا ما وصفوا تلك الثورة بأنها ثورة فيسبوك أو تويتر، وكانت صناعة الاتصالات قبل ثورة يناير قد خطت خطوات لا بأس بها فى جميع المجالات، حتى إن بعض الخبراء قالوا إن مصر تقدمت كثيرا فى هذا المجال، إلا أن فور قيام الثورة، تراجعت هذه الصناعة مثل الكثير من الصناعات والخدمات، فى سنوات الريبة والتراجع التى تعيشها مصر مع أنظمة حكم غير مفهومة وبلا رؤية أو سياسات واضحة، وربما يكون ذلك ما دفع شباب (وصل عدده الآن لأكثر من نصف مليون شاب) لإعلان الثورة على الحكومة ووزارة الاتصالات وأيضا جميع الشركات المقدمة لخدمات الإنترنت، وهو ما أصبح يعرف إعلاميا بإسم بثورة الإنترنت، والتى إنطلقت من بداية شهر ديسمبر الماضى.

الشباب يعانون من مشكلتين واضحتين، واحدة تتعلق ببطء سرعة الإنترنت، وأخرى بسعر الخدمات المقدمة، وهو ما يقاومه المسئولون ويؤكدون أن الأسعار فى مصر تعد من أرخص الأسعار فى المنطقة إن لم تكن أرخصها على الإطلاق، وأن الحكومة الحالية تعمل على نقل مصر إلى خدمات الإنترنت فائق السرعة، وأن ذلك سيكتمل فى غضون سنوات قليلة ربما لا تتجاوز السنوات الأربع، بينما تقاوم الشركات الخاصة بعروض تجارية مميزة من حين لآخر، وهو ما يعترض عليه الشباب أيضا باعتيار أن ذلك تلاعب ولا يجوز فى خدمة أساسية كالإنترنت، وهذا تحديدا ما دفع الشباب لإعلان تهديدهم للجميع بالثورة عليهم، اقتصاديا، بوقف التعامل، وإلكترونيا بالقرصنة على أعمالهم.

الخبراء على الجانب المقابل، قالوا أن هذه التهديدات لا يمكن أن ترقى للجدية، لأنه من الصعب أن يستغنى أحد الآن عن خدمات الإنترنت، وأن الأسعار من الصعب مراجعتها، لأن استثمارات هذه الصناعة شديدة الضخامة، كما أن الدولة لاعب رئيسى فيها ولا يمكن تجاهل دورها، ولا سبيل للتفاوض، وربما كان ذلك أجمل ما فى القصة والأمر الذى ينبئ بالأمل وأن أشياء كثيرة تغيرت فى هذه البلاد، حيث قامت وزارة الإنصالات بالتفاوض مع هؤلاء الشباب، ومازالت، ليس استجابة لضغوط بقدر ما كان التفاوض من أجل البحث عن حلول أفضل وتقديم الخدمة التى يريدها المستخدمون، وهذا الحوار للأسف الشديد إستبعدناه من كافة مشكلاتنا الأخرى والتى كان غياب الحوار فيها سببا رئيسا لما نعانى منه الآن.

لكن اللافت للنظر حتى الآن، أن أحدا لم يتطرق إلى أهمية إستخدام الإنترنت فائق السرعة فى تحسين مستوى الخدمات فى البلاد، لا الحكومة تحدثنا عن إلكترونية خدماتها للمواطن، ولا الشباب يعلنون ثورتهم من أجل التقدم وزيادة الإنتاج، وألمح جزءا عبثيا فى هذه المعركة، يمكن أن نحوله، بسهولة إلى معركة شديدة الإيجابية فى اللحظة التى تسوء فيها العلاقة بين الدولة والمواطنين والتى يمكن أن تتحسن فيها هذه العلاقة عبر التواصل الدائم والمباشر والسريع بين الجميع عبر هذه الشبكة، فالمسألة ليست مجرد خدمة إنترنت، بل سير فى اتجاه تقدم أخطأنا الطريق إليه طويلا وكثيرا.

 

 

 

 

 

المصدر:الشروق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *