مجموعة سعودي القانونية

عمرو حمزاوى يكتب | عن تحديات كبرى قادمة

عمرو حمزاوي

ها هى فاتورة غياب الديمقراطية وهيمنة الممارسات الأمنية على منظومة الحكم/ السلطة وإماتتها للسياسة واستتباعها للنخب الحزبية والمجتمعية فإما تؤيد ترتيبات الحكم وقراراته وإجراءاته وإما تقمع/ تخون/ تشوه تسدد بعزوف قطاعات شعبية مؤثرة عن المشاركة فى الانتخابات الرئاسية بعد أن اختفت الجدية والتنافسية وتعددية الآراء وحضر ترشح وزير الدفاع السابق وعرفت النتائج مسبقا على نحو أهدر المضمون الفعلى للانتخاب المتمثل فى حرية المواطن فى الاختيار وإيمانه بأهمية صوته/ مشاركته.

ها هى فاتورة تمرير الحكم/ السلطة لنصوص دستورية قمعية وقوانين قمعية تستهدف تهجير المواطن صاحب الرأى الحر من المجال العام وإعادة مصر إلى ما قبل ثورة يناير ٢٠١١، والتورط فى انتهاكات واسعة للحقوق وللحريات وفى قمع المعارضين والتضييق المادى عليهم واغتيالهم معنويا تسدد برفض مصريات ومصريين المشاركة فى الانتخابات الرئاسية التى شكلت ممارسات الدولة الأمنية خلفيتها الوحيدة وبدت منبتة الصلة بمسار تحول ديمقراطى حقيقى.

ها هى فاتورة ترويج الحكم/ السلطة للمقايضة الزائفة «الخبز والأمن والاستقرار فى مقابل العدل والحق والحرية»، وللعصف بسيادة القانون وضمانات الحقوق والحريات وكرامة الإنسان، ولاعتقال واحتجاز وحبس وسجن مواطنات ومواطنين لم يمارسوا إلا التعبير السلمى عن الرأى أو تظاهروا سلميا حين أراد الحكم تجريم التظاهر تسدد بامتناع الكثيرين عن الذهاب إلى مراكز اقتراع بدت خاوية على الرغم من «الأيام الثلاثة»، بدت خاوية حين لم ينتظر منها أن ترتب إيقاف نزيف الحقوق والحريات أو الحد من العقاب الجماعى والإقصاء وجغرافيا الظلم التى تمددت بطول البلاد وعرضها.

•••

ها هى فاتورة استعلاء الحكم/ السلطة على ضرورة إنهاء وضعية الاستقطاب الحاد التى أرهقت مصر، وتجاهله لحتمية فتح أبواب المشاركة فى إدارة الشأن العام وفى السياسة (حين يعاد إحياؤها) لجميع الأفراد والمجموعات التى لم تتورط فى إرهاب أو عنف أو فى مناهضة المبادئ الديمقراطية، وتعويله الأحادى على الحلول الأمنية والإقصاء مع الاستخفاف بمقتضيات العدل والقانون والإنسانية تسدد إما بهجر قطاعات شعبية مؤثرة لصناديق الانتخابات بعد أن انتفت الرابطة الإيجابية بين النتائج المتوقعة للصناديق وبين تجاوز الاستقطاب والإقصاء والحلول الأمنية، أو بإبطالها للصوت، أو بتصويتها للمرشح حمدين صباحى الذى وعد على الأقل بنهج مختلف.

ها هى فاتورة تحالف الحكم/ السلطة مع نخب اقتصادية ومالية لم تظهر إلى اليوم إلا رغبة وحيدة فى الحفاظ على التداخل العضوى بين السلطة والثروة وفى تجديد دماء دعمها للحاكم الفرد القادم نظير حماية المصالح وضمان العوائد، ولم تكف عن تسفيه المطالبة الشعبية بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحديث البعض عن ضرورات التنمية المستدامة والمستقلة والآمنة بيئيا، ولم تبحث لا عن تحديث/ تطوير مؤسساتها الخاصة عبر الالتزام بالشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد ولا عن الإسهام فى تحديث/ تطوير المؤسسات العامة والإدارية تسدد بابتعاد مواطنات ومواطنين عن مشهد انتخابى سيطرت عليه أموال النخب هذه ويافطات تأييدها وتأييد وسائل الإعلام التى تملكها لترشح وزير الدفاع السابق، أو بإبطال الصوت، أو بالتصويت للمرشح المنافس.

ها هى فاتورة اعتماد الحكم/ السلطة على ووجوه وأصوات وأقلام فاقدة للمصداقية وعلى أسراب طيور ظلام المرحلة التى سيطرت على الإعلام المرئى والمسموع والمكتوب لتفرض بعنف لفظى بالغ.. وزيفا بادعاء حق احتكار الحديث باسم «المصلحة الوطنية» الصوت الواحد/ الرأى الواحد/ البطل المنقذ والمخلص الواحد، ولتنقلب على مطالب الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحقوق والحريات التى صاغها الناس فى ثورة يناير ٢٠١١، ولتزيف وعى الناس وتقمع حرية التعبير عن الرأى وإدارة الاختلاف بتعددية وسلمية وتتجاهل انتهاكات حقوق الإنسان، ولتخون وتشوه المعارضين والمغردين خارج أسرابهم الظلامية بإفك العمالة والأجندات الخارجية والخلايا الإخوانية النائمة وبرداءة التشهير الشخصى والاغتيال المعنوى تسدد بنفور عدد غير قليل من المواطنات والمواطنين من انتخابات رئاسية أرادت أسراب طيور ظلام المرحلة أن تسوقهم إليها كقطيع/ ككتلة صماء/ كجماهير مؤيدة فقط للبطل المنقذ، وعندما رصدت بوادر النفور والعزوف عدلت الدعوة لتصبح «شاركوا، صوتوا للبطل المنقذ أو لمنافسه، أو حتى أبطلوا أصواتكم، فقط شاركوا نرجوكم»، وحين تواصل النفور والعزوف انقلبت طيور الظلام على الرافضين للمشاركة لتخونهم جماعيا وتتهمهم بالتآمر على الوطن ولتنتج مشاهد إعلامية هيستيرية/ هزلية لا تشى إلا بفقدانهم لكامل المصداقية وغياب قدرتهم على حشد الناس.

•••

ها هى فاتورة دفاع السادة المفكرين والكتاب والخبراء الاستراتيجيين والسياسيين والاقتصاديين عن ترشح وزير الدفاع السابق بكونه مرشح الضرورة/ مرشح الدولة/ مرشح الإنقاذ الوطنى، والتى جردت المواطن عملا من حرية الاختيار وأتت على المضمون الفعلى للانتخابات كمفاضلة بين بدائل مقبولة ولن ينجح هؤلاء أبدا فى التنصل من التداعيات السلطوية لأساطيرهم التى اختزلت مصر/ الوطن/ الدولة/ المجتمع فى شخص واحد، تسدد بابتعاد مصريات ومصريين عن الأيام الانتخابية الثلاثة استنادا إلى قناعة مباشرة وواضحة مفادها أن للضرورة أربابها وأبطالها وقادتها ودعاتها وأصواتها، وهم جميعا لا يحتاجون لأصوات العاديين من البشر.

ها هى فاتورة إصرار وزير الدفاع السابق على الصمت عن قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات أو التعامل معها إما بالمقايضة السلطوية «الخبز والأمن والاستقرار أهم» أو بالنهج التأجيلى المعهود («نحتاج لسنوات عديدة حتى نبنى الديمقراطية»)، وامتناعه عن طرح برنامج انتخابى أو أجندة عمل / فعل محددة بعد أن روجت أسراب طيور الظلام لعدم احتياج «البطل إلى برنامج» وروج أصحاب أساطير مرشح الضرورة لكون «الضرورة هى البرنامج» تسدد بعدم اكتراث مصريات ومصريين شباب بمشهد الانتخابات الرئاسية الذى لم يعثروا لا به ولا على هوامشه عن أفكار واضحة المعالم لإخراج الوطن من عثرته وتجاوز أزماته.

ها هى فاتورة تعويل الحكم/ السلطة بهدف حشد تأييد الناس لوزير الدفاع السابق على أحزاب وحركات سياسية (قديمة وجديدة) ترفع زيفا لافتات الديمقراطية/ الليبرالية/ مدنية الدولة وهى أبعد ما تكون عنها جميعا بل عن قيم الإنسانية التى تجاهلتها بتبرير انتهاكات الحقوق والحريات والإقصاء وفاشية العقاب الجماعى، واعتماد الحكم أيضا على أحزاب وحركات رجعية توظف الدين لخدمة الحكم/ السلطة طلبا للحماية وللعوائد وفى المشاهد الانتخابية طلبا للمكاسب الذاتية وأفقدتها نفعيتها الطاغية ومعاييرها المزدوجة ثقة الناس بها ونفرتهم من أحاديثها وأناشيدها، وطلبه لدعم من لا يتحرجون من توريط المؤسسات الدينية الرسمية والمساحات الدينية والرمزية الدينية فى توجيه الناس وفى تحديد تفضيلاتهم الانتخابية وفى إلصاق «الإثم والفسق والفجور» بالمقاطعين للانتخابات تسدد بمراكز اقتراع خاوية لم يفلح فى تغيير مظهرها لا الإجازة الرسمية التى منحها مجلس الوزراء فى ثانى أيام الانتخابات ولا إغلاق المحال التجارية ولا وعيد اللجنة العليا للانتخابات بتغريم العازفين عن المشاركة ولا قرار المد الزمنى للانتخابات ليوم ثالث (وقطعا لم يكن الوعيد والمد الزمنى من «بنات أفكار» اللجنة العليا للانتخابات بمفردها)، وتسدد فى أحيان أخرى بإبطال الصوت أو بالتصويت لصالح المرشح حمدين صباحى.

•••

كافة هذه «الفواتير» تكفلت بتسديدها قطاعات شعبية مؤثرة بين المصريات والمصريين إما عزفت عن المشاركة فى الانتخابات الرئاسية وأجبرت منظومة الحكم/ السلطة على اللجوء إلى إجراءات متهافتة ودفعت النخب الاقتصادية والمالية والإعلامية المتحالفة معها إلى إنتاج مشاهد هيستيرية، وإما سددتها بإبطال الصوت أو بالتصويت لصالح المرشح المنافس لوزير الدفاع السابق، حمدين صباحى. تماما كما تكفلت قطاعات شعبية أخرى بتسديد «فواتير» إخفاق الأصوات والمجموعات المدافعة عن الديمقراطية فى إقناع الرأى العام خلال السنوات الثلاثة الماضية بإمكانية بناء الديمقراطية والانتصار للحقوق وللحريات ولسيادة القانون مع تحقيق الخبز والأمن والاستقرار والقضاء على الإرهاب والعنف عبر التصويت لوزير الدفاع السابق وقبول أساطير مرشح الضرورة ومرشح الإنقاذ الوطنى والبطل المخلص.

كل «الفواتير» التى سددتها القطاعات الشعبية التى عزفت عن المشاركة أو أبطلت الصوت أو صوتت للمرشح حمدين صباحى تمثل تحديات حقيقية لمنظومة الحكم/ السلطة وللمرشح المتوقع وصوله إلى رئاسة الجمهورية، تحديات لن يفلح فى مواجهتها لا التورط فى المزيد من الظلم والقمع والإقصاء والعقاب الجماعى وانتهاكات الحقوق والحريات وممارسات الدولة الأمنية ولا هيستيريا إعلام التخوين والتشويه (هل ستخونون وستشوهون ملايين المصريات والمصريين؟)، بل ستجدى معها فقط عودة حقيقية إلى مسار تحول ديمقراطى وسيادة قانون وعدالة انتقالية والابتعاد الفورى عن كارثة الرأى الواحد/ الصوت الواحد وصناعة الفرعون.

•••

كل «الفواتير» الأخرى التى سددتها القطاعات الشعبية التى شاركت فى الانتخابات بالتصويت لوزير الدفاع السابق تمثل تحديات كبرى للأصوات والمجموعات المدافعة عن الديمقراطية تلزمها بعدم الاستعلاء عليها وبالتعامل بجدية تامة مع الطلب على الخبز والأمن والاستقرار والخوف على تماسك الدولة وتداعيات قسوة الانتظار الذى طال لتحسن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية على تفضيلات الناس، وتلزمها أيضا بالمزج بين أجندة الحقوق والحريات وأجندة للتنمية المستدامة وللاقتراب اليومى من هموم المواطن. سترتكب الأصوات والمجموعات الديمقراطية خطيئة كبرى إن هى تورطت فى خطاب استعلائى باتجاه المصريات والمصريين الذين صوتوا لوزير الدفاع السابق، بل المطلوب هو احترام إرادتهم وإدراك دوافعهم والاقتراب منهم تدريجيا لإقناعهم برفض الظلم والقمع والإقصاء ثم بالانفتاح مجددا (أو للمرة الأولى) على حقيقة أن حكم الفرد يودى بنا إلى الهاوية، وأن الديمقراطية ممكنة مع الخبز والأمن والاستقرار، وأن مصر لا تحتاج إلى أبطال منقذين بل إلى مؤسسات عامة وخاصة فعالة وتداول سلطة وسيادة قانون ومشاركة شعبية واسعة هى وحدها القادرة على تجاوز العثرات والأزمات.

ألا هل بلغت، اللهم أشهد.

اقرأ المزيد هنا: http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=31052014&id=23009792-b515-4dff-ba5a-a933746a570c

ها هى فاتورة غياب الديمقراطية وهيمنة الممارسات الأمنية على منظومة الحكم/ السلطة وإماتتها للسياسة واستتباعها للنخب الحزبية والمجتمعية فإما تؤيد ترتيبات الحكم وقراراته وإجراءاته وإما تقمع/ تخون/ تشوه تسدد بعزوف قطاعات شعبية مؤثرة عن المشاركة فى الانتخابات الرئاسية بعد أن اختفت الجدية والتنافسية وتعددية الآراء وحضر ترشح وزير الدفاع السابق وعرفت النتائج مسبقا على نحو أهدر المضمون الفعلى للانتخاب المتمثل فى حرية المواطن فى الاختيار وإيمانه بأهمية صوته/ مشاركته.

ها هى فاتورة تمرير الحكم/ السلطة لنصوص دستورية قمعية وقوانين قمعية تستهدف تهجير المواطن صاحب الرأى الحر من المجال العام وإعادة مصر إلى ما قبل ثورة يناير ٢٠١١، والتورط فى انتهاكات واسعة للحقوق وللحريات وفى قمع المعارضين والتضييق المادى عليهم واغتيالهم معنويا تسدد برفض مصريات ومصريين المشاركة فى الانتخابات الرئاسية التى شكلت ممارسات الدولة الأمنية خلفيتها الوحيدة وبدت منبتة الصلة بمسار تحول ديمقراطى حقيقى.

ها هى فاتورة ترويج الحكم/ السلطة للمقايضة الزائفة «الخبز والأمن والاستقرار فى مقابل العدل والحق والحرية»، وللعصف بسيادة القانون وضمانات الحقوق والحريات وكرامة الإنسان، ولاعتقال واحتجاز وحبس وسجن مواطنات ومواطنين لم يمارسوا إلا التعبير السلمى عن الرأى أو تظاهروا سلميا حين أراد الحكم تجريم التظاهر تسدد بامتناع الكثيرين عن الذهاب إلى مراكز اقتراع بدت خاوية على الرغم من «الأيام الثلاثة»، بدت خاوية حين لم ينتظر منها أن ترتب إيقاف نزيف الحقوق والحريات أو الحد من العقاب الجماعى والإقصاء وجغرافيا الظلم التى تمددت بطول البلاد وعرضها.

•••

ها هى فاتورة استعلاء الحكم/ السلطة على ضرورة إنهاء وضعية الاستقطاب الحاد التى أرهقت مصر، وتجاهله لحتمية فتح أبواب المشاركة فى إدارة الشأن العام وفى السياسة (حين يعاد إحياؤها) لجميع الأفراد والمجموعات التى لم تتورط فى إرهاب أو عنف أو فى مناهضة المبادئ الديمقراطية، وتعويله الأحادى على الحلول الأمنية والإقصاء مع الاستخفاف بمقتضيات العدل والقانون والإنسانية تسدد إما بهجر قطاعات شعبية مؤثرة لصناديق الانتخابات بعد أن انتفت الرابطة الإيجابية بين النتائج المتوقعة للصناديق وبين تجاوز الاستقطاب والإقصاء والحلول الأمنية، أو بإبطالها للصوت، أو بتصويتها للمرشح حمدين صباحى الذى وعد على الأقل بنهج مختلف.

ها هى فاتورة تحالف الحكم/ السلطة مع نخب اقتصادية ومالية لم تظهر إلى اليوم إلا رغبة وحيدة فى الحفاظ على التداخل العضوى بين السلطة والثروة وفى تجديد دماء دعمها للحاكم الفرد القادم نظير حماية المصالح وضمان العوائد، ولم تكف عن تسفيه المطالبة الشعبية بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحديث البعض عن ضرورات التنمية المستدامة والمستقلة والآمنة بيئيا، ولم تبحث لا عن تحديث/ تطوير مؤسساتها الخاصة عبر الالتزام بالشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد ولا عن الإسهام فى تحديث/ تطوير المؤسسات العامة والإدارية تسدد بابتعاد مواطنات ومواطنين عن مشهد انتخابى سيطرت عليه أموال النخب هذه ويافطات تأييدها وتأييد وسائل الإعلام التى تملكها لترشح وزير الدفاع السابق، أو بإبطال الصوت، أو بالتصويت للمرشح المنافس.

ها هى فاتورة اعتماد الحكم/ السلطة على ووجوه وأصوات وأقلام فاقدة للمصداقية وعلى أسراب طيور ظلام المرحلة التى سيطرت على الإعلام المرئى والمسموع والمكتوب لتفرض بعنف لفظى بالغ.. وزيفا بادعاء حق احتكار الحديث باسم «المصلحة الوطنية» الصوت الواحد/ الرأى الواحد/ البطل المنقذ والمخلص الواحد، ولتنقلب على مطالب الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحقوق والحريات التى صاغها الناس فى ثورة يناير ٢٠١١، ولتزيف وعى الناس وتقمع حرية التعبير عن الرأى وإدارة الاختلاف بتعددية وسلمية وتتجاهل انتهاكات حقوق الإنسان، ولتخون وتشوه المعارضين والمغردين خارج أسرابهم الظلامية بإفك العمالة والأجندات الخارجية والخلايا الإخوانية النائمة وبرداءة التشهير الشخصى والاغتيال المعنوى تسدد بنفور عدد غير قليل من المواطنات والمواطنين من انتخابات رئاسية أرادت أسراب طيور ظلام المرحلة أن تسوقهم إليها كقطيع/ ككتلة صماء/ كجماهير مؤيدة فقط للبطل المنقذ، وعندما رصدت بوادر النفور والعزوف عدلت الدعوة لتصبح «شاركوا، صوتوا للبطل المنقذ أو لمنافسه، أو حتى أبطلوا أصواتكم، فقط شاركوا نرجوكم»، وحين تواصل النفور والعزوف انقلبت طيور الظلام على الرافضين للمشاركة لتخونهم جماعيا وتتهمهم بالتآمر على الوطن ولتنتج مشاهد إعلامية هيستيرية/ هزلية لا تشى إلا بفقدانهم لكامل المصداقية وغياب قدرتهم على حشد الناس.

•••

ها هى فاتورة دفاع السادة المفكرين والكتاب والخبراء الاستراتيجيين والسياسيين والاقتصاديين عن ترشح وزير الدفاع السابق بكونه مرشح الضرورة/ مرشح الدولة/ مرشح الإنقاذ الوطنى، والتى جردت المواطن عملا من حرية الاختيار وأتت على المضمون الفعلى للانتخابات كمفاضلة بين بدائل مقبولة ولن ينجح هؤلاء أبدا فى التنصل من التداعيات السلطوية لأساطيرهم التى اختزلت مصر/ الوطن/ الدولة/ المجتمع فى شخص واحد، تسدد بابتعاد مصريات ومصريين عن الأيام الانتخابية الثلاثة استنادا إلى قناعة مباشرة وواضحة مفادها أن للضرورة أربابها وأبطالها وقادتها ودعاتها وأصواتها، وهم جميعا لا يحتاجون لأصوات العاديين من البشر.

ها هى فاتورة إصرار وزير الدفاع السابق على الصمت عن قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات أو التعامل معها إما بالمقايضة السلطوية «الخبز والأمن والاستقرار أهم» أو بالنهج التأجيلى المعهود («نحتاج لسنوات عديدة حتى نبنى الديمقراطية»)، وامتناعه عن طرح برنامج انتخابى أو أجندة عمل / فعل محددة بعد أن روجت أسراب طيور الظلام لعدم احتياج «البطل إلى برنامج» وروج أصحاب أساطير مرشح الضرورة لكون «الضرورة هى البرنامج» تسدد بعدم اكتراث مصريات ومصريين شباب بمشهد الانتخابات الرئاسية الذى لم يعثروا لا به ولا على هوامشه عن أفكار واضحة المعالم لإخراج الوطن من عثرته وتجاوز أزماته.

ها هى فاتورة تعويل الحكم/ السلطة بهدف حشد تأييد الناس لوزير الدفاع السابق على أحزاب وحركات سياسية (قديمة وجديدة) ترفع زيفا لافتات الديمقراطية/ الليبرالية/ مدنية الدولة وهى أبعد ما تكون عنها جميعا بل عن قيم الإنسانية التى تجاهلتها بتبرير انتهاكات الحقوق والحريات والإقصاء وفاشية العقاب الجماعى، واعتماد الحكم أيضا على أحزاب وحركات رجعية توظف الدين لخدمة الحكم/ السلطة طلبا للحماية وللعوائد وفى المشاهد الانتخابية طلبا للمكاسب الذاتية وأفقدتها نفعيتها الطاغية ومعاييرها المزدوجة ثقة الناس بها ونفرتهم من أحاديثها وأناشيدها، وطلبه لدعم من لا يتحرجون من توريط المؤسسات الدينية الرسمية والمساحات الدينية والرمزية الدينية فى توجيه الناس وفى تحديد تفضيلاتهم الانتخابية وفى إلصاق «الإثم والفسق والفجور» بالمقاطعين للانتخابات تسدد بمراكز اقتراع خاوية لم يفلح فى تغيير مظهرها لا الإجازة الرسمية التى منحها مجلس الوزراء فى ثانى أيام الانتخابات ولا إغلاق المحال التجارية ولا وعيد اللجنة العليا للانتخابات بتغريم العازفين عن المشاركة ولا قرار المد الزمنى للانتخابات ليوم ثالث (وقطعا لم يكن الوعيد والمد الزمنى من «بنات أفكار» اللجنة العليا للانتخابات بمفردها)، وتسدد فى أحيان أخرى بإبطال الصوت أو بالتصويت لصالح المرشح حمدين صباحى.

•••

كافة هذه «الفواتير» تكفلت بتسديدها قطاعات شعبية مؤثرة بين المصريات والمصريين إما عزفت عن المشاركة فى الانتخابات الرئاسية وأجبرت منظومة الحكم/ السلطة على اللجوء إلى إجراءات متهافتة ودفعت النخب الاقتصادية والمالية والإعلامية المتحالفة معها إلى إنتاج مشاهد هيستيرية، وإما سددتها بإبطال الصوت أو بالتصويت لصالح المرشح المنافس لوزير الدفاع السابق، حمدين صباحى. تماما كما تكفلت قطاعات شعبية أخرى بتسديد «فواتير» إخفاق الأصوات والمجموعات المدافعة عن الديمقراطية فى إقناع الرأى العام خلال السنوات الثلاثة الماضية بإمكانية بناء الديمقراطية والانتصار للحقوق وللحريات ولسيادة القانون مع تحقيق الخبز والأمن والاستقرار والقضاء على الإرهاب والعنف عبر التصويت لوزير الدفاع السابق وقبول أساطير مرشح الضرورة ومرشح الإنقاذ الوطنى والبطل المخلص.

كل «الفواتير» التى سددتها القطاعات الشعبية التى عزفت عن المشاركة أو أبطلت الصوت أو صوتت للمرشح حمدين صباحى تمثل تحديات حقيقية لمنظومة الحكم/ السلطة وللمرشح المتوقع وصوله إلى رئاسة الجمهورية، تحديات لن يفلح فى مواجهتها لا التورط فى المزيد من الظلم والقمع والإقصاء والعقاب الجماعى وانتهاكات الحقوق والحريات وممارسات الدولة الأمنية ولا هيستيريا إعلام التخوين والتشويه (هل ستخونون وستشوهون ملايين المصريات والمصريين؟)، بل ستجدى معها فقط عودة حقيقية إلى مسار تحول ديمقراطى وسيادة قانون وعدالة انتقالية والابتعاد الفورى عن كارثة الرأى الواحد/ الصوت الواحد وصناعة الفرعون.

•••

كل «الفواتير» الأخرى التى سددتها القطاعات الشعبية التى شاركت فى الانتخابات بالتصويت لوزير الدفاع السابق تمثل تحديات كبرى للأصوات والمجموعات المدافعة عن الديمقراطية تلزمها بعدم الاستعلاء عليها وبالتعامل بجدية تامة مع الطلب على الخبز والأمن والاستقرار والخوف على تماسك الدولة وتداعيات قسوة الانتظار الذى طال لتحسن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية على تفضيلات الناس، وتلزمها أيضا بالمزج بين أجندة الحقوق والحريات وأجندة للتنمية المستدامة وللاقتراب اليومى من هموم المواطن. سترتكب الأصوات والمجموعات الديمقراطية خطيئة كبرى إن هى تورطت فى خطاب استعلائى باتجاه المصريات والمصريين الذين صوتوا لوزير الدفاع السابق، بل المطلوب هو احترام إرادتهم وإدراك دوافعهم والاقتراب منهم تدريجيا لإقناعهم برفض الظلم والقمع والإقصاء ثم بالانفتاح مجددا (أو للمرة الأولى) على حقيقة أن حكم الفرد يودى بنا إلى الهاوية، وأن الديمقراطية ممكنة مع الخبز والأمن والاستقرار، وأن مصر لا تحتاج إلى أبطال منقذين بل إلى مؤسسات عامة وخاصة فعالة وتداول سلطة وسيادة قانون ومشاركة شعبية واسعة هى وحدها القادرة على تجاوز العثرات والأزمات.

ألا هل بلغت، اللهم أشهد.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *