وائل عبدالفتاح يكتب | فاصل مثير على شاشة «أبانا الذى..»
أرسلت إلى «أبانا الذى..» فى الجهة السيادية منذ عام تقريبا.. رسالة أقول له فيها: «حتى القمع لن تقدر عليه..».
تذكرت الرسالة بعد تفجر فضيحة المخبر على شاشة قناته..
القناة كانت راعية ومستفيدة ومشاركة فى جريمة نشر تسجيلات تليفونية لمن تتعامل معهم على أنهم «أعداء».. وكبر المخبر وتضخم شعوره بذاته حتى تصور نفسه «طرفًا» لا «أداة»، وتخيل أنه يمكن أن يدخل الصراع على مساحات النفوذ ويحجز له مكانا بين المتنافسين والطامعين.. وأول ما فعله المخبر حين وجد لنفسه مقعدا بجوار الرئيس فى لقاء «الإعلاميين».. استخدم الوشاية ضد مَن يتصوره صيدًا سهلًا.. ولا يعرف حجمه أو الحاجة إليه فى اللحظة الراهنة، كما لم يساعده ذكاء الفئران الذى جعله يعيش حتى الآن أن يدرك خيوط علاقات صاحب القناة.. الذى أطاح به عندما فتح صندوق نفايته، وأراد الانتقام من صديق/ أو شريك/ أو زميل شبكة مصالح واحدة.
هكذا يمكن كتابة القصة التى شغلت مساحات لا بأس بها من الاهتمام، وكان بطلها الثلاثى ساويرس/ طارق نور/ وعبد الرحيم على.
وهى قصة من قصص الفقاقيع التى تملأ المساحات وتزحمها بدلًا من أسئلة وملفات أخرى.. فالنميمة بديل سهل للنقاش.. والأسرار مغرية أكثر من مواجهة الحقائق.. ولهذا تذكرت «أبانا الذى..» لأنه مبدع وموهوب فى تحويل المخبرين إلى أطراف فى معارك «سياسية» وبما يمتلكون من قدرات لا حدود لها على الوقاحة يصبح حضورهم ملفتا وشاغلًا للرأى العام، بل يسهم فى تفريغ «المجال السياسى» لتحتله الفقاقيع والنفايات.. و«كله علشانك يا مصر..» و«باسمك يا مصر..».
كيف خانك الذكاء يا «أبانا الذى..» وتفرط فى أدواتك بهذه البساطة والرعونة؟ كيف تسرب التسجيلات التى من المفروض أن تحميها حتى فى لحظة سقوطك؟ تحميها ليس حفاظا على الحريات والحقوق والاحترام.. ولكن على «قوة الأداة..».
أنتَ وحدك تسجل سابقة تفضح أجهزة التجسس على المواطنين.. حتى فى الاتحاد السوفييتى وأوروبا الشرقية لم يفعلوها.. بل إن كل دول العالم التى تعيش فى «اللالا لاند» لم تفعلها.. وتسرب تسجيلاتها؟ هل تسمح يا «أبانا الذى..» بالتجارة فى عصب وجودك..؟
إن هذه التسريبات تفقد قيمتها بعد أن تكون قد نشرت القذارة والانحطاط والدناءة على أنها أساليب الدولة.. فهل تعتقد يا «أبانا الذى..» أن مواطنًا سيحترم دولة تترك قذارتها فى حاملى صناديق النفايات؟
وتذكر أننى سألت فى رسالتى منذ عام: هل أنت واحد يا «أبانا..» أم أنك أجنحة أم أنك ما زلت تعمل ضمن «خلية» إدارة الأزمة/ والحرب مع الإخوان، حيث لأول مرة تعمل الأجهزة السيادية/ الأمنية تحت قيادة واحدة ولهدف واحد «حماية الدولة».
هل ما زالت «الخلية..» تعمل بهذه الروح المدافعة عن الأمن؟ أم أن هناك أجنحة اشتاقت إلى «شغلها» القديم وبدأت فى ممارسة الحكم/ بالفضيحة، وأطلقت الخلايا القديمة المحترفة فى تسميم الحياة السياسية.
«أبانا..» أن تعمل فى إطار «خلية» تؤدى مهمة أمنية أفضل من التخطيط للحكم من الغرف المغلقة، بما فى ذلك استدعاء خلايا من الموت الطبيعى لتتحول إلى «صفايح زبالة» متلفزة.
.. وأذكرك بما كتبته يا «أبانا» لتدرك أن المجتمع يتغير والشعب ملول حتى من استعراضات النفايات المتلفزة كل ليلة.. وتذكر أن استعراضات الإخوان عندما ظهر أنها تليفزيونية.. وأنهم مثل سابقيهم عصابة/ تريد احتلال البلد/ وليس لديها شىء/ تحول الغضب إلى حقيقة لم يدركها «أباهم» الذى فى مكتب الإرشاد فسقط سقوطا مدويا.
الناس تتسلى ساعة بمسارحكم الباحثة عن فضيحة/ والمداعبة لمشاعر الوطنية لكنهم فى كل ساعة سيطالبون بدولة محترمة/ يجدون فيها عملًا ولقمة عيش كريمة وأمنًا من دون إهدار للكرامة وعدالة لا رشاوى أو منح أو صدقات من جمعيات تتعامل مع أكثر من ٤٠٪ من الشعب على أنهم جيوش متسولون، لا بد من إطعامها بدلًا من أن تأكل الأغنياء.. العدالة التى تحقق الأمان للجميع.