وائل عبدالفتاح يكتب | هل عادت المنطقة الحمراء؟
أسأل فقط:
هل عادت المنطقة الحمراء؟
أوضّح سؤالى: هل يُعاد الآن بناء منطقة حمراء جديدة تناسب «الطبقة السياسية» التى لم تولد بعد؟
أوضّح أكثر: لكل نظام من النوع المستمر فى العهود الجمهورية منطقةٌ مَن ينجح فى عبورها تتغير حياته وينتقل إلى طبقة أخرى من سكان هذا البلد.. هل نحن نعيش مرحلة بناء لهذه المنطقة الحمراء يُطرد منها أباطرة وبارونات وشراشيح وعابرو سبيل تصوروا أن لهم دورا فى المنطقة الجديدة بينما يشرف على هندسة البناء من لا نراهم ولا نرى أصابعهم فى العلن..؟
سأشرح لماذا أسأل السؤال.
فى كل نظام (مختلط بين الديمقراطية والاستبداد، الفاشية وحنانها العاجز، الجبروت والضعف) هناك منطقة حمراء، إذا وصلتَ إليها سيكون من الممكن عبور الخط الوردى لتقترب من الشلة المحيطة بقصور الحكم. هناك منطقة حمراء فى البزنس أيضًا، على كل من يقترب منها دفع نسبة معروفة لشبكة سرية لا يعرفها.
لمن؟
لا يعرف حتى مَن يدفع.
المعروف وكما حكى لى صديق فى عالم البزنس: إذا وصلتْ أعمالك إلى رقم معين، فإنك لا بد أن تدفع نسبة ١٥٪ لكى يُسمح لك بالاستمرار أو الوجود أصلا.
هذه أعراف تتغير طبعا وتتبدل، لكنها تسير فى إطار محكوم بالوعى الذى تغيَّر فيه وضع الاقتصاد فى مصر، من دولة تملك الثروة وتديرها، إلى دولة تدخل عصر السوق وعليها توزيع الثروة، فاختارت مجموعات يمكن السيطرة عليها ومنحتها عطايا ومنحا، هم ليسوا طبقة رأسمالية، ورجال مال، هم موظفون من الباطن يديرون ثروة الدولة.
بعضهم يتجاوز وضعه الوظيفى، ويقترب من أدوار أعلى، لكن القانون العام هو أن الدولة تمنح وتمنع، وكل رجالها فى البزنس ليسوا شخصيات مستقلة، ولكنهم رعايا، منحهم الباب العالى برَكَته.
هكذا يلتقى العابرون إلى المناطق الحمراء فى السياسة والاقتصاد ويرسمون ملامح الحاضر والمستقبل بما يجعل مصر هبتهم ورهينتهم.
هناك وجه شبه بين سكان المنطقة الحمراء من أصحاب الثروات السهلة وأغنياء الحضارة الرومانية فى اختراع فنون الترف والبذخ إلى آخر مدى.
سادة روما كانوا سبب سقوط الحضارة الكبيرة، وسادة الثروات المترفة فى مصر كانوا سبب سقوط مبارك، فماذا هم فاعلون الآن؟
هناك وجه اختلاف كبير طبعا، أن أغنياء روما شاركوا بشكل ما فى بناء حضارة عظيمة، لكن أصحاب الثروات المترفة يلعبون فى مصير بلد كلما ظهرت علامات نهوضه.
المال فى بحثه عن مكانه فى الحكم الجديد، قلق ومتطرف؛ قاتل ومصاص دماء ونتاج طبيعى لتطرف (فى السلطة والثروة) يقود الغرائز إلى الحافة دائمًا، المال لا يبنى فى مصر لكنه يصنع حالة وجود هستيرى لأصحابه، وللسطلة التى تحميه.. يبحثون فيه عن الامتلاك والاحتكار، يبحثون عن جمال متطرف يقود إلى الجنس القاتل لا إلى المشاعر والعواطف.
سكان المنطقة الحمراء القديمة يبحثون عن فرصة/ والطامحون فى دخول المنطقة متوترون، وهم جميعا أبناء أو منتظرو ثروات متوحشة بعقول فارغة وأرواح معتمة. يشبهون أغنياء الحرب الذين كانوا مسخرة الصحافة فى مصر بعد الحرب العالمية الثانية. جمعوا ويجمعون ثروات من التجارة فى مخلفات الحروب.
ثروات لم تترافق مع نقلات لا فى الوعى ولا الثقافة ولا الذوق.
هذه المنطقة هى منطقة عمليات الحرب على المجتمع والناس فى مصر.. وهذا سر سؤالى.
المصدر:الدستور الاصلى