مجموعة سعودي القانونية

وائل عبدالفتاح يكتب | فابكوا معنا..

وائل-عبد-الفتاح

خالد.. هو «الشغف يمشى على الأرض..».

ولأننا نكاد واقعيا نتحول جميعا إلى كُتّاب مراثى.. ما كتبت عن أصدقاء رحلوا مؤخرا تاركين فراغات بما يمكن أن أسميه «أطلال» المجال العام.

المجال العام هو ما يجعلنا بلدًا لا «ثكنة عسكرية» أو واحد من «كتاتيب السمع والطاعة التى نتعلم فيها بهز الرأس إعلانًا لسلطة شيخ الكتاب»..

والمجال العام مصيبتنا، لأن السيطرة عليه أو إغلاقه هو هدف كل سلطة.. هدفها الناعم حيث تضعه بالتدريج «تحت حراستها..» وهو ما نراه حين ننظر حولنا فنجد مثلا الأحزاب ليست أحزابا وإنما تقسيمة فى جوقة الرئيس، والصحافة ليست إلا ميكروفونا فى جامع أو جهاز شؤون معنوية يحمل تعليمات القائد لجنوده/ الشعب..

ونعيش حاليا وقائع معركة غير معلَنة/ أو معلَنة وسرّية فى نفس الوقت لإغلاق المجال العام أو سحب الأرض التى كسبها المجتمع ليسمح فيه بمشاركة كل فرد ويكون تعبيرا عن تعدد موجود فى الحياة والواقع.. ومشاركة يحشر فيها الناس أنفسهم فى ما يراه الحاكم ليس لهم.. وهذه هى السياسة.. وهذه هى المجتمعات ما بعد الكوارث الكبرى التى صنعتها الديكتاتوريات..

والنجاح الكبير الذى تحقق بضرب محاولات توسيع المجال العام أو تكوينه ليكون هناك «مجتمع..» بالتوازى مع أجهزة الدولة.. هذه المحاولات تم ضربها ولا تكتفى فرق العمليات التى قامت بالمهمة بهذا النجاح لكنها تريد إزالة الأطلال أو تحويلها إلى «حائط لعنات» توجَّه إليه الشتائم وتدبر ضده المكائد وخطط التشهير والتجريس والاستباحة لكل شىء.. وفى النهاية يعلق عليه «فشل» دولة يكمن الفشل فى بنيتها.. دولة ترفض التغيير رغم أن صلاحيتها انتهت..

المهم أن خالد السرجانى، وستقرؤون مراثى مهمة تعرّفكم بما لا يمكنكم أن تروه أو تهتموا به فى ظل استعراضات الانحطاط اليومية على الشاشات وإدمان الهابط من السياسة.. لن تعرفوا أنه الذى تعامل مع الدنيا بخفة «طالب الشغف» الباحث عن كل ما أبدعته البشرية من موسيقى وسينما وكتابة.. ليشغلوا الحيز الكبير من حياته..

هكذا من دون أن يصنع ثروة منها أو خبطات فى مجال عمله الصحفى، ولكن لمتعته.. ولتكونه كشخص يستحق حزننا حيث ترك حيزا كبيرا فارغا..

وهذه خسارة فى ظل حياة مرتبكة تحت إدارة وسيطرة «مقاولات هدد» تشغل المجال العام بنفايات يحسب التقدم بقدرة المجتمعات على التخلص منها.

فالشغف إن غاب عن الحياة أصبحت أسيرة ذلك الانحطاط الذى يحاصرنا ومن قوة حضوره لم تعد الأغلبية تشعر به، وتكتفى معه…

.. نعم فقدنا محاربًا ضد الانحطاط، فابكوا معنا..

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر:الدستور الاصلى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *