«تحدث حتى أراك».. كانت زمان وانقلبت وأصبحت «اخلع ملابسك حتى أراك وأسمعك وأتفهم شكواك»، حيث لم يجد عمال شركة النيل لحليج الأقطان طريقة لتوصيل مطالبهم إلى الحكومة إلا بخلع ملابسهم أمام مجلس الوزراء بعد أن ظلوا أياما معتصمين، يطالبون بصرف رواتبهم المتأخرة منذ نوفمبر 2011 حتى الآن، وإعادة تشغيل المصنع وعودة المفصولين. العمال هددوا بالتصعيد، وخلع ملابسهم الداخلية فى حال استمرار تجاهل مطالبهم. ومن يضع نفسه مكان هؤلاء بعد عام دون راتب فسوف يعذرهم لأنهم عجزوا عن توصيل رسالتهم بملابسهم، مثل كثيرين من أصحاب المطالب يضطرون لقطع الطرقات والشوارع. خلع الملابس لفت نظر الإعلام والكاميرات للعمال ومطالبهم، وربما لا يكون لدى أى منهم رغبة فى التعرى، لكنه المضطر. خلع الملابس سوف يشجع آخرين على اتباع طرق دعاية لتسويق احتجاجاتهم، وتوصيل مطالبهم للمسؤولين. ويبدو معذورا من يخلع ملابسه للفت الأنظار إلى أنه لم يحصل على راتبه لما يقارب العام، وكل منهم لديه أسرة ومتطلبات، وهم ضحايا لقرارات فاسدة لم يكونوا مسؤولين عنها، وينتمون لإحدى الشركات التى كانت أحد أعمدة الاقتصاد المهمة، وضربها فساد الخصخصة والعشوائية. وإذا كانت هناك أعذار للعمال الجائعين فى خلع الملابس، لكونهم يفعلون ذلك مضطرين، فإن ظاهرة خلع الملابس أصبحت أكثر وضوحا لدى بعض السياسيين ومحترفى الضجيج الفارغ، ممن يسعى كل منهم للفت الأنظار بتصريح صادم أو فتوى غريبة، ومن هؤلاء من يحترف رفع دعاوى وتقديم بلاغات بهدف الضجيج، يفعل ذلك وعينه على الكاميرات والشهرة، وهم على استعداد لخلع ملابسهم وعقولهم من أجل تسويق أنفسهم. العمال والمظاليم يخلعون ملابسهم مضطرين، لكن هناك من يخلع ملابسه وهو فى كامل قواه العقلية والسياسية، وإن لم يخلعها فعلا يخلعها عقلا وكلاما وتصريحا، يفوق خلع الملابس. ومن هؤلاء العرايا الكثير من السياسيين ونجوم وزعماء التوك شو ممن ينشغلون بالبحث عن كل مثير وجذاب يشد الكاميرات والجدل، وينصرفون عما هو ضرورى، ويخلقون جدلا عقيما، وحالة من التسلية لمشاهدى برامج المساء والسهرة بضجيج ومعارك ومشاجرات، ومن هؤلاء من هو فى السلطة أو فى المعارضة والهدف هو لفت الأنظار، سوف نجد محافظين يتحدثون فى كل شىء إلا مشاكل الناس، وسياسيين يسربون أكاذيب وشائعات، أو يقدمون بلاغات تثير الجدل وتجذب النظر لكنها لا تقدم جديدا، بعضهم يسكن المواقع الاجتماعية أو القنوات، ويفكر كل يوم فى تصريح غريب أو فتوى تافهة يعرف أنها هى التى تشد الأنظار، والإعلام ووسائل النشر جاهزة لإبراز كل غريب، ضمن اتفاق غير معلن.، ونظرة واحدة على زعماء الكلام تكشف لنا أنهم يختارون خلع ملابسهم من أجل الكاميرات، وليس مثل عمال غلابة يتعرون من أجل أن يطالبوا بحقوقهم، وهؤلاء يعملون بمقولة «اخلع ملابسك حتى أراك».