قال «عابر سبيل» فى تعليق نشرته أمس، وعقبت على شق واحد منه، وهو الشق الخاص بموقفى الرافض لإقصاء جماعة الإخوان، لكن بقى شق آخر يتعلق بدور الفريق السيسى، صاغه فى رسالته على النحو التالى:
«أنت ترى أن قيام الفريق السيسى بدور (المنقذ) ليس حلاً وتقول (إن هذا الحل قد يشكل مخرجاً للأزمة على المدى القصير لكنه قد يتحول إلى عبء على المدى الطويل)…كيف؟ كيف يشكل مخرجاً على المدى القصير.. وكيف يمكن أن يتحول إلى عبء على المدى الطويل؟..هل تتفضل سيادتك بالإيضاح فى مقالة تالية بإذن الله..؟».
أما ردى على هذا الشق فألخصه فى النقاط التالية:
1- ضرورة التمييز بين الدور الذى قام به السيسى يوم 3 يوليو، حين قام بعزل مرسى وأعلن خارطة طريق جديدة، وبين الدور الذى يقوم به الآن كوزير للدفاع وكنائب لرئيس الوزراء فى حكومة الببلاوى، والدور الذى يمكن أن يقوم به فى المستقبل، فى حال ما إذا قرر الترشح فى الانتخابت الرئاسية القادمة.
2- سبق أن عبرت بوضوح تام، سواء فى مقالات سابقة أو فى مقال الأحد الماضى، عن تأييدى التام للدور الذى قام به يوم 3 يوليو والأيام التى تلته، ولم أتردد فى حث الجماهير على تلبية ندائه بالخروج إلى الشارع لمنحه التفويض الذى يطلبه، انطلاقاً من قناعتى التامة بأن الدولة المصرية كانت فى خطر، وأن المبادرة التى قام بها حينئذ استهدفت إنقاذ الدولة وليس الاستيلاء على السلطة، ومن ثم يتعين أن يسير فى طريقه حتى النهاية إلى أن يزول الخطر المحدق بالبلاد.
3- فيما يتعلق بدوره الحالى، أظن أننى قلت بوضوح إن الحكومة الحالية ليست بالضرورة ممثلة لجماهير 30 يونيو، وإن السيسى هو الذى اختار رئيسها وربما معظم أعضائها، سواء منفرداً أو بالتشاور مع آخرين، ولم ينتخبهم أحد. لذا أعتقد أنه الطرف الممسك حالياً بكل خيوط السلطة، ومن ثم المسؤول الأول والأخير عن نجاح أو فشل خارطة الطريق.
4- لا يوجد فى صفوف النخبة السياسية المطروحة على الساحة من يصلح لقيادة البلاد فى ظروف لا تزال تتسم بوجود العديد من عناصر عدم الاستقرار، خصوصاً أن جماعة الإخوان والفصائل المتحالفة معها لا تزال تعتقد أن بإمكانها إعادة عقارب الساعة إلى الوراء وتصر على إفشال الحكومة وخارطة الطريق، وهو ما يفسر مطالبة الكثيرين الفريق السيسى بخوض انتخابات الرئاسة القادمة.
5- لست ضد ترشح الفريق السيسى للرئاسة من حيث المبدأ، وربما يكون ذلك ضرورة تمليها المصالح الوطنية العليا إذا ظل الوضع الأمنى على ما هو عليه أو ازداد سوءاً. ولأنه سيكون على الفريق السيسى فى مثل هذه الحالة أن يستقيل من الجيش، ففى تقديرى أنه لن يقبل ترك الجيش والقيام بدور سياسى إلا إذا اقتنع شخصياً أن هذا قدره وأنه المخرج الوحيد.
6- نجاح السيسى كرئيس للبلاد لن يتوقف فقط على مدى تماسك الجيش ووقوفه خلف قيادته، وإنما سيتوقف أيضاً وعلى وجه الخصوص على البرنامج السياسى الذى سيطرحه كمرشح ومدى نجاحه كرئيس فى تنفيذه.
فإذا نجح السيسى خلال فترة ولايته الأولى فى تحقيق الأمن وإعادة عجلة النشاط الاقتصادى والانطلاق على طريق التنمية، وتمكن من إعادة الحياة السياسية إلى حالتها الطبيعية، فسيكون قد أنجز مهمته التاريخية كـ«منقذ»، ويكون دوره قد انتهى عند هذا الحد.
أما إذا لم ينجز برنامجه بالكامل، وتعلل البعض باستمرار التحديات للمطالبة بإعادة ترشيحه لدورة ثانية، فسوف يكون ذلك إيذاناً بدخول البلاد من جديد فى نفق مظلم.
فهل وضحت الصورة الآن؟ أرجو ذلك.