مجموعة سعودي القانونية

ابراهيم سعودي يكتب:

عندهم الصمت الانتخابي وعندنا الضجيج الانتخابي

 

ابراهيم-سعودي-2

 

(كيف ننتخب و كيف ينتخب العالم المتحضر ؟)

عرفت الدول المتحضرة من خلال التجربة الديمقراطية أن إرادة الناخب يمكن أن تتأثر بصخب الدعايا والمؤثرات الخارجية ، وأن أكثر ما يؤثر في إرادة الناخب هو ما يحدث له من توجيه وتشويش في يوم الانتخابات وقبل الادلاء بصوته مباشرة، فالصمت يعطي فرصة للناخبين لتحديد اختياراتهم بروية بعد فترة شديدة الكثافة والتأثير من الدعايا الانتخابية .

لذا يعرف العالم المتحضر ما يسمى بالصمت الانتخابي وهو ما يأتي مباشرة بعد نهاية الحملة الانتخابية لمدة سابقة على الانتخابات تتراوح في دول العالم بين 12 ساعة و 48 ساعة يمنع خلالها على كافة المرشحين ممارسة أي نشاط في إطار حملاتهم الانتخابية، بحيث يمنع منعا باتا على المترشحين القيام بأي عملية تندرج ضمن الترويج والدعاية والتودد للناخبين والتأثير فيهم .

كما يتعين في هذه الفترة ازالة كافة أنواع الدعاية للمرشحين سواء كانت لافتات أو ملصقات أو غيرها من محيط اللجان الانتخابية حتى لا يتعرض الناخب لأي مؤثر دعائي حتى وان كان بصرياً .

ويمتد الصمت الانتخابي ليشمل وسائل الاعلام المقروءة والمرئية والمسموعة ومؤسسات استطلاع الرأي فلا يجوز لها جميعاً الحديث عن الانتخابات الا في اطار توجيه الناخبين لشروط التصويت وطريقته وضوابطه الى غير ذلك من التوجيهات التي يحتاج اليها الناخب بغير الاشارة الى مرشح بعينه بالسلب أو الايجاب.

والإخلال بعملية الصمت الانتخابي يترتب عنه عقوبات صارمة معظمها غرامات باهظة و يمكن أن تصل العقوبة الى حد الاطاحة بالمرشح المخالف من الانتخابات وعدم اعتماد نتيجته في حالة فوزه .

وعلى الرغم أن قانون مباشرة الحقوق السياسية المصري قد عرف أخيراً في تعديلاته التي أعقبت 25 يناير ، 30 يونيو فكرة الصمت الانتخابي إلا أن نقابة المحامين ونقيبها آثروا كف الأبصار وصم الآذان عن مسألة الصمت الانتخابي، لا على مستوى التشريع أو اللوائح حيث لا يوجد في قانون المحاماة ولا توجد لوائح من الأساس تنظم العملية الانتخابية في نقابة المحامين، ولا على مستوى الواقع حيث تحول الصمت الانتخابي إلى العكس تماماً ، فيما يمكن أن نطلق عليه ” الضجيج الانتخابي”.

وكالعادة يكون رب البيت الذي هو النقيب ورجاله من المرشحين التابعين له والداخلين في بيت طاعته هم أول الضاربين على دفوف الضجيج، فتنتشر صور المرشحين والملصقات واللافتات الكبيرة الضخمة على بوابات تعد في يوم الانتخابات في محيط اللجان وعلى أبوابها، بل وفي داخل اللجان ذاتها في كثير من الأقاليم، ويستعين المرشحون ذوي الملاءة المالية بجموع من البشر في كل اللجنة يحملون اطنانا من الأوراق والهدايا والرشاوى الانتخابية (وكل مرشح على قدر يساره).

وأغلب هؤلاء الذين يقومون على توزيع ذلك من غير المحامين ومدفوعي الأجر، بلغ متوسط أجور بعضهم على نحو ما يشاع بحوالي مائتي جنيه للشخص الواحد منهم، ولنا أن نتخيل مدى فداحة هذا الرقم في انتخابات تجري على مستوى الجمهورية فيكون الرقم مضروبا في عدد الأشخاص المطلوبين لكل لجنة مضروبا مجددا في مئات اللجان على مستوى الجمهورية.

المقارنة بين الصمت الانتخابي عندهم والضجيج الانتخابي عندنا والمقارنة بين كيف ينتخبون في العالم المتحضر وكيف ننتخب في نقابة المحامين مفزعة وموجعة، لذا في انتخابات نقابة المحامين لا تسأل فقط عن تزوير الانتخابات ولكن اسأل عن تزييف الارادة وتوجيهها وتشويشها، وبما يجعل أي نتيجة تخرج بها الانتخابات لا تعبر عن ارادة حقيقية للمحامين ومحاطة دائماً بالظنون والشكوك وشبهات التزوير، ولا يكون أمام الفائزين الغارقة شرعيتهم في الشبهات إلا أن يتحصنوا بالدفوع الشكلية هرباً من الولوج إلى الموضوع أمام القضاء فيتحصنون بمسائل الاختصاص أو وجوب الطعن من خمسين شخص على الأقل أو شرط التصديق على توقيعات الطاعنين واصدار الأوامر والتعليمات بمنع التصديق بكل السبل لا لشئ الا لأنهم يثقون أن النفاذ للموضوع سيثبت البطلان ويفضح التزوير .

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن ما هو الحل لتغيير هذه الصورة التقليدية المتخلفة للانتخابات في أعرق نقابة مهنية في مصر والتي من المفترض أن تكون المدافعة عن حمى القانون وهي أو من يخرق هذا الحمى ؟

هذا هو موضوع مقالنا الأخير في هذه السلسلة بإذن الله .

انتخابات-نقابة-المحامين-بالجيزة5

انتخابات نقابة المحامين 1 انتخابات نقابة المحامين 2 انتخابات-نقابة-المحامين-بالجيزة3 انتخابات-نقابة-المحامين-بالجيزة4

للتواصل مع الكاتب عبر حسابه على فيس بوك

https://www.facebook.com/ibseoudi

وعبر صفحته الشخصية على فيس بوك

https://www.facebook.com/ibrahem.seoudi?ref=hl

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *