يعاقب حاليا بالسجن الاحتياطى عشرات المواطنين المصريين ارتكبوا فعلة لم ينص القانون المصرى على تجريمها، هذه الفعلة الشنعاء من المستحيل أيضا أن يصدر تشريع ما بمنعها، فهى فى الحقيقة شيء لا يؤذى أحدا، ولا يعطل مواطنا عن عمله، وليست عملا عنيفا بأى حال من الأحوال، كما أنها أمر لا يحتاج إلى أى تمويل من جهة أجنبية.
إننى أتحدث عن رفع أصابع الكف بإشارة تذكر بما حدث فى يوم الأربعاء الأسود بميدانى رابعة والنهضة.
هذه الإشارة سجنت عشرات المواطنين حتى الآن، بعض هؤلاء المواطنين أطفال قصّر فى المرحلة الإعدادية، بل إن طالبة رفعت يدها بهذه الإشارة فى وجه السيد وزير التربية والتعليم فما كان منه إلا أن استدعاها لكى (يعرفها غلطها)، وليت الوزير عرفنا جميعا الغلطة التى تجعل من تلك الإشارة فعلا مُجرَّما مُحرَّما…!
لا يوجد قانون يمنع من رفع الأصابع، خصوصا أن الأصابع المرفوعة لا تشير بعلامة بذيئة مما يرفعه لنا بعض رجال الشرطة فى التظاهرات (مثلا)، كما أن من يرفع أصابعه بالإشارة لا يحمل سلاحا، فحامل السلاح يرفع سلاحه لا أصابعه…!
ما الذى يضايق أجهزة الأمن فى هذه الإشارة إذن؟
لماذا يتم القبض على من يلبس قميصا عليه تلك العلامة؟ لماذا يلقى فى السجن أطفال لوحوا بها؟
منذ عدة أيام زفت الصحف خبرا سارا للمصريين فقد تم القبض على صاحب مصنع يصنع تى شيرتات عليها تلك العلامة، وقبض على جميع العاملين فيه (ولا تسلنى ما ذنبهم؟!)، وتم تشميع المصنع أيضا…!
ما هى الجريمة فى تصنيع تى شيرتات عليها أى علامة أو شعار؟ لو كانت الـ«تى شيرتات» عليها شعار الإخوان لكنت قد فهمت أن الأمر يتعلق بأن الجماعة قد صدر حكم قضائى بحلها، ولكن هل صدر حكم قضائى بمنع رفع الأصابع؟
فكرت فى كل الأسباب المنطقية التى قد تدفع برجال الشرطة إلى سجن من يحمل أو يلوح بتلك الإشارة فلم أجد إلا سببا واحدا لا غير.. هذه العلامة تذكرهم بشىء لا يريدون تذكره، تذكر كل أجهزة الأمن ورجال الدولة بالخطيئة التى ارتكبوها فى ميدانى رابعة والنهضة فى الرابع عشر من أغسطس من عام 2013.
سيقول قائل إن فض الميدانين تم وفق المعايير الدولية لفض الاعتصامات، وأنا أقول لو كان ذلك صحيحا لما أغاظت هذه العلامة رجال الأمن ورجالات الدولة بهذا الشكل.
هذه العلامة ستطارد كل من شارك فى هذه «الموقعة» فى الدنيا والآخرة، ولو أن ساحتكم بريئة كما تدعون لما تصرفتم بكل هذا التشنج أمام طفل يشير بأصابعه، ولما ظهرت دولة كاملة مرعوبة من الأطفال!
كلمة أخيرة لا بد أن أوجهها لكل الحمقى الذين سيتهموننى بأننى من الإخوان… لا تتعجلوا فى الاتهام، لأنكم مهددون أيضا، والاتهامات سوف تطولكم قريبا جدا، ومن يعتقل طفلا بتهمة أن لديه أصابع يشير بها قادر على اعتقال أى شخص بأى تهمة.
ملحوظة: بيت العنكبوت أوهن البيوت!
عاشت مصر للمصريين وبالمصريين…
المصدر جريدة الشروق