لزمن طويل ظلت البشرية متشككة فى وجود «طبقة حاكمة» تسيطر على الأرض. ما الذى يحدث للبشرية بالضبط؟ لماذا تُبطئ الوتيرة حتى توشك أن تتجمد؟!.. وفجأة تتسارع وتيرة الأحداث!. من الذى يبطئها، ومن الذى يلهبها؟ لماذا تنشب الحروب فى أزمنة شبه متقاربة؟ تتوهج دول وتنهار إمبراطوريات!.
لكن اليقين لم يكن فى متناول أحد. شكوك! مجرد شكوك!. حتى الذين كتبوا عن ذلك، لم يكونوا متأكدين. لم يدروا حتى اللحظة الأخيرة أن «الطبقة الحاكمة» موجودة فعلا، وتحدد مصير الجنس البشرى!. لم يستوثقوا إلا بعد فوات الأوان.
يعشق مؤلفو هذا النوع من الكتب إضفاء الطقوس على أعضاء الطبقة الحاكمة. فهناك عدد معين، وقسم على السرية، وطقوس احتفالية. لكن هذا لم يكن صحيحا. هم غالبا من أصحاب الشعر الأبيض، لا تسيطر عليهم الشهوات أو العواطف الجامحة، وليس لديهم ولاء لعقيدة دينية باستثناء إيمانهم بالإنسان.
فى النصف الثانى من القرن الواحد والعشرين كان العالم يموج بالاضطرابات، وتبلورت مناقشاتهم على النحو التالى: «الإنسان سيد هذا الكوكب، هو السلالة الممتازة لمن كانوا قبلنا، مر أجدادنا بالانتخاب الطبيعى، القائم على أنه لا رحمة بالضعفاء ولا مكان إلا للأقوياء، وعبر مئات الآلاف من السنين تبلور الإنسان.
لكن الأديان والوصايا الأخلاقية عطلت قانون الطبيعة المرهف فى الانتخاب الطبيعى، فتناسلت ذرية الضعفاء. والمقصود بالضعف هنا ليس الضعف البدنى، لأن الإنسان الأول كان ضعيفاً بالمقارنة بكثير من الحيوانات، ولكنه استطاع فرض إرادته بقوته العقلية، وقدرته على السيطرة على القوى المادية من حوله وتسخيرها لإرادته، وما هذا التطور العلمى الذى نعيشه إلا ثمرة ذكاء حاد، وأما جموع الأغبياء ومتوسطى الذكاء، فلم تنتفع البشرية بهم.
وهكذا اتخذوا القرار الأهم منذ آلاف السنين: «بعد تأنٍ عميق ومداولات طويلة، تم الاتفاق على وقف التناسل بين بنى البشر بطريقة هادئة عن طريق تعطيله بعقاقير تُمزج بالماء وتُضاف إلى الأطعمة وتنتشر فى الهواء، وفى الوقت نفسه تعكف المعامل المتطورة على الوصول لأفضل خريطة جينية لكائن بشرى متكامل، يتمتع بذروة الذكاء البشرى، ثم يتم تعميم النموذج بعد ثبات نجاحه».