مجموعة سعودي القانونية

ضياء-رشوان

غداً تحل الذكرى الأربعون لانتصار الشعب والجيش والكرامة فى السادس من أكتوبر ١٩٧٣، بعد سنوات ست من الهوان، عاشتها مصر وشعبها كله بعد هزيمة يونيو ١٩٦٧ الفادحة. وكان الشعب فى ٩ و١٠ يونيو ١٩٦٧ عقب إعلان الزعيم جمال عبدالناصر تنحيه عن الحكم وإقراره بمسؤوليته الكاملة عن الهزيمة، هو القائد الحقيقى الذى تحركت وراءه قيادة البلاد السياسية والجيش لكى نصل بعد ست سنوات إلى نصر أكتوبر ١٩٧٣. كان رفض الشعب الذى خرج بالملايين الاستسلام لأهداف العدوان الإسرائيلى للإطاحة بالدولة المصرية وقيادتها هو الذى أعاد للبلاد ثقتها وإرادتها بعد أيام خمسة فقط من الهزيمة القاسية.

وهكذا تحركت القيادة السياسية لتعيد تنظيم أوضاع الجيش والدولة بصورة كاملة وجذرية، ولتعيد بناءهما بما يتناسب مع الإرادة الشعبية العارمة التى أصرت على رفض الهزيمة وعدم الاستسلام للعدو والانتصار عليه، وتحرير سيناء المغتصبة أيا كانت الأثمان والتضحيات. وانطلقت مصر بعد أيام من الهزيمة تقود جيشها ليستعيد عافيته ويبدأ بشائر حرب الاستنزاف التى احتدمت معاركها بقوة عام ١٩٦٩. ومع فترات من التصعيد والهدوء النسبى فى القتال ضد العدو وحماية بلادنا من هجماته على الجبهة أو فى العمق، تواصل صمود الشعب المصرى وقيادته للدولة بكل أجهزتها ومؤسساتها السياسية والعسكرية، لكى نصل فى النهاية إلى الساعة الثانية من ظهر السادس من أكتوبر لكى تبدأ حرب التحرير والكرامة.

وقد ظن البعض خطأً أن صمود عبدالناصر وإقدامه على رفض الهزيمة وإعادة بناء الدولة والجيش، والبدء الفورى فى معركة التحرير واسترداد الأرض والكرامة، كان فقط وليداً لقدراته الشخصية وإخلاصه للوطن، بينما الحقيقة الساطعة هى أن الشعب هو الذى قاد عبدالناصر وأجبره على العودة من جديد بعد إعلانه التنحى، لكى يبدأ مسيرة التحرير، وصولاً إلى السادس من أكتوبر ١٩٧٣. وهذا الشعب نفسه هو الذى يقود مصر كلها اليوم منذ صباح ٢٥ يناير ٢٠١١ بما استطاع القيام به- على غير توقع من أحد أو انتظار- بالإطاحة بنظام مبارك الذى جثم على أنفاسه وحياته لعقود ثلاثة، مرت بطيئة وكئيبة ومريرة. هذا الشعب هو أيضاً نفسه الذى لم يستطع أن يقبل أن تسرق منه ثورته من أى من حكامه الجدد بعد ثورته الأولى، سواء كانوا مؤقتين أو منتخبين، فأطلق موجته الثورية الثانية العارمة التى لم يتخيلها أحد أو يتوقعها لكى يطيح بحكم الجماعة والعشيرة، ويقود هو من جديد قواته المسلحة الباسلة لكى تقوم بدورها الأول والمستمر فى حماية الأمن القومى والحفاظ على الدولة من الانهيار أو الاستيلاء عليها.

تقدم الشعب فى معركته الأخيرة للتحرير من الاستبداد والتمكين والتفكيك عاماً كاملاً، قبل أن يستدعى هو أبناءه البواسل فى الجيش المصرى لكى يقوم بوظيفته التاريخية فى الحفاظ على بلاده وأمنه ودولته. لم يكن الجيش يخطط أو يتطلع للدخول فى مجال السياسة بعد أن سلم السلطة للذين اختارهم الشعب فى انتخابات نزيهة، أشرف عليها هو بحياد ودون تدخل، ولكن نداء الشعب و«تعليماته» العلنية الهادرة لجيشه بأن ينحاز إلى مطالبه العادلة فى إنقاذ البلاد والعباد من حكم الهيمنة والعشيرة- كان هو الذى دفع الجيش وقيادته إلى الاستجابة لما يريد، فكان ٣٠ يونيو وبعده ٣ يوليو اللذان غيرا مجرى التاريخ المصرى من جديد.

الشعب المصرى قبل أربعين عاماً كان هو القائد الحقيقى لانتصار ١٩٧٣، الذى صنعه الجيش الذى هو قطاع غال من الشعب، والشعب اليوم هو القائد والقادر وحده على دفع هذا الجيش وقيادته إلى حيث يجب أن يكون، وفى الوقت الذى يريد، لكى يحمى أمن البلاد ويحافظ على دولتها الوطنية، ولن يستطيع الجيش ولا قيادته أن يرفضا «أوامر» الشعب أيا كانت المهمة التى يكلفهما بها. الجيش فى خدمة الشعب.. هذه هى الحقيقة لمن يعرف مصر جيداً.

 

المصدر: جريدة المصري اليوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *