الدستورية العليا تقضي بإلغاء فرض الضرائب على المسارح والملاهي
قضت المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، بعدم دستورية نص المادة (8) من القانون رقم 221 لسنة 1951 بفرض ضريبة على المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهى فيما تضمنه من تقرير مسئولية أصحاب المحال، غير الشاغلين لها، عن أداء الضريبة بالتضامن مع مستغلى الحفلات سواء كانت دائمة أو وقتية.
وقالت المحكمة في أسباب حكمها: إن الضريبة التي فرضها المشرع في شأن الملاهي وغيرها من المحال التي أخضعها القانون لحكمه – على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة – لا تعتبر ضريبة محلية ينحصر سريانها في رقعة إقليمية بذاتها لا تجاوزها، وإنما هي ضريبة عامة تسع الحدود الإقليمية للدولة جميعها، بما يبسطها، وكلما تحقق مناطها ممثلًا في الواقعة التي أنشأتها على كل الأجزاء التي يشتمل عليها إقليمها، وهو ما يعنى أن مموليها متماثلون في الخضوع لها جغرافياً، وإن كان تعادلهم فيما يلتزمون به من مبلغها منتفيًا، وكان الملتزمون أصلًا بضريبة الملاهى يتحملون بمبلغها إسهامًا من جانبهم في تمويل الخزانة العامة مع تنظيم نشاطهم عرضًا باعتباره استهلاكًا ترفيهياً ممثلًا في حفلاتهم التي يقيمونها في المحال التي أخضعها القانون لحكمه، بعد الاتفاق عليها مع أصحابها أو مستغليها، فإن المدينين أصلًا بالضريبة، وكذلك المسئولين عنها، لا يتحملون بسببها – منظورًا إليها في ذاتها – عبئًا مخالفًا للدستور.
وأضافت المحكمة أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المدين بالضريبة – إما أن يكون ملتزمًا أصلياً بها أو مسئولًا عنها، ذلك أن المشرع يتخذ دومًا من المال المحمل بالضريبة، وعاء باعتباره عنصرًا موضوعياً في الواقعة التي أنشأتها، بيد أن وجود علاقة بين هذا المال والمدين بالضريبة، يبلور شخصيتها، ويقيم هذا المدين مكلفًا أصلًا بأدائها، وشرط اعتبار غيره مسئولًا عنها أن تنتفى علاقته بالمال المتخذ وعاءً لها، وإلا يعتبر ملزمًا بها إلا مع المدين أصلًا بأدائها، فهو مدين مع غيره بكل الدين فإذا وفّاه رجع به عليه، بعد أن حل فيه محل الدائن حلولًا قانونياً.
وأوضحت المحكمة أن ذلك مؤداه أن مناط المسئولية عن إيفاء الضريبة هو وجود علاقة عضوية بين المسئول عن الضريبة من جهة، وبين المال المتخذ وعاء لها من جهة أخرى، فإذا انتفت هذه العلاقة، فليس ثمة مسئولية عن الضريبة، ولا يجوز بالتالى أن ينتحل المشرع صلة يتوهمها بين المسئول عن الضريبة والمال المحمل بعبئها، ولو كان إحداثه لهذه الصلة ضمانًا لتحصيلها وخفضًا لتكلفة جبايتها وتوقيًّا للتحايل عليها.
وأشارت المحكمة إلى أنه متى كان ما تقدم، وكان النص المطعون فيه قد أطلق مسئولية أصحاب المحال عن أداء ضريبة الملاهى المستحقة إلى جانب مستغلى الحفلات، لتشمل الأحوال التي تنقطع فيها صلتهم بالمال محلها، بما يشكل عدوانًا على حق الملكية، وإهدارًا للحماية الدستورية المكفولة لها، وخروجًا على مبدأى سيادة القانون وخضوع الدولة للقانون، وافتئاتًا على العدالة الاجتماعية باعتبارها جوهر فرض الضريبة، التي يكون أداؤها واجبًا قانونًا، وخروجًا من المشرع عن الضوابط الدستورية الحاكمة للسلطة التقديرية التي يملكها في موضوع تنظيم الحقوق، والتي لا يجوز له تخطيها، ليغدو نص المادة (8) المطعون فيه – في حدود نطاقه المتقدم – مناقضًا لأحكام الدستور متعينًا القضاء بعدم دستوريته.