مجموعة سعودي القانونية

د.-أيمن-الجندى1

 

 

تلقيت هذه الرسالة الرقيقة الحالمة من الطالبة إيمان عبدالعزيز/ طب عين شمس. إن شاء الله ستنقل لكم جوا رائعا من السكينة والإحساس المرهف بالجمال. تقول الرسالة:

«كُنَّا قد أطلنا السهر على شاطئ البحر، وكان الليل قد أسدل ستائره على كل الموجودين، ولكن كان هناك شىء عجيب، فما زلنا – نحنُ الأربعة – نرى بعضنا بوضوح شديد!

طال بنا الحديث عن الذكريات والآمال والأحلام حتى اقترب الفجر، فلم تطاوعنا قلوبنا على النوم حتى لا نُضيع فرصة صلاة الفجر على شاطئ البحر!

صلينا الجماعة، ثم مكثنا قليلاً نتأمل فلسفة الشروق، وكيف أن النهار سيطلع الآن بعد هذا الليل. جلسنا نراقب مشهد الشمس وهى تخرج من مُستقرّها بعد ليل طويل. ولم يكن أحدنا لينبس ببنت شفة!

بعد دقائق من الآن سيتزين البحر بلونهِ الأزرق الراقى. سنقاوم نوبات النُعاس التى تجتاحنا. هكذا كنا نُحدِّثُ أنفسنا! فقد اتفقنا فى جلسةٍ سابقة على النزول إلى البحرِ فجراً.. وما أحلاه من فجرِ يومٍ مبارك كهذا نحقق ما عزمنا عليهِ!

أحضرنا أمتعتنا سريعاً، وأمسكت كل منا بيد الأُخرى، واستعددنا لهذهِ التجربة الرائعة!

كانت المياه باردة جداً، وكانت أجسادنا ترتعد، وأسناننا تصطك ببعضها البعض من شدة البرودة، حتى إننا قد فكرنا فى الخروج وتوديع كل اتفاقاتنا على إتمام هذه التجربة. ولننهِ هذه المعاناة الآن.

لم تكن إحدانا تنطق بشىء هذه المرة أيضا، ولكننى أعرف أن البحرَ كائنٌ حىٌ، مثلُنا يشتاق ويضطرب! وربما يكون وسطاً مادياً قادراً على نقل المشاعر المختبئة وأحلامنا المكنونة!

ولكن حدث ما لم نكن نتوقع، وكأن الشمس كانت تُراقبنا من مسكنها، وتتوسل إلينا ألا تذهبوا. انتظرونى. الآن سأخرج لكم فى ثوبٍ جديدٍ. مهلاً لا تتركونى وحيدة!

انتظرنا بعد أن رأينا دليلَ صدقها، وأنها أخذت تنشر خيوطها الذهبية على سطح البحر. لم نكن نتكلم، فالصمتُ فى حَرَمِ الجمالِ جمالٌ!

أخذت الشمسُ فى الظهورِ من وراء الغيوم والسحب رويداً.. رويدا..

ونحن فى صمتٍ مهيب استعداداً لاكتمال هذه اللوحة الرائعة!

كانت تظهر ثم تختفى لتصعد من وراءِ الحُجُبِ حتى تتوسط السماء. ثم لا تلبث أن تظهر حتى تختفى ثانيةً! ولكن قلوبنا لم تعد تقوى أن تقاوم هذا الجمال الربانى الذى يصوِّره أمامنا البارئ الخالق المُصوّر.. سبحانه! ولم نَكُن نملِك سوى أن نُردد اسمه تعالى: «الله.. الله». والذى استطاع فينا أن يملك جنانه ويكوّن جملة كاملة، لم تكن أكثر من كلمتين: «سبحان الله»!

كانت المياه قد بدأت تأخذ فى الدفء على مهلٍ.. وكأن رسالة قد أُُرسِلَت إليها تخبرها: أنْ كُونى دفئاً وسلاماً على هؤلاء الأحبة!

ومن الحب إلى العشق، ومن الرضا إلى السكينة، ومن الماءِ إلى السماءِ.. كانت أبصارنا تتحول فى ذهولٍ، حتى لا نفوِّت على أنفسنا أياً من تلك المشاهد التى ربما لا تطول أعمارُنا لنراها ثانيةً!

أخذت الشمس فى الصعود، ولكن سريعاً هذه المرة! رأينا ما لا عين رأتْ ولا أذن سمعتْ. واكتَسَت نفوسُنا بالجمالِ والجلالِ الإلهى! وتجلت الجنة لقلوبنا على وجه الأرض، فكان ما كان، مما يعجز عنه البيان.

المصدر: المصرى اليوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *