مجموعة سعودي القانونية

د.-أيمن-الجندى1

وصلتنى هذه الرسالة المتفائلة التى نحتاجها بشدة من القارئة شيماء فؤاد.

«ركب مجموعة من الأفراد ميكروباص صغيراً يقلهم من موقف إلى موقف فى الصباح الباكر. كان الجو صبوحاً جميلاً يسبح به فيض من أمل غسل شبح الهم والإحساس بالروتين عن أدمغتهم ذلك اليوم تماما، وكان كل واحد منهم يختلف عن الآخر بوضوح فى مظهره وعمله وثقافته.. اجتمع المختلفون من غير ميعاد أو لربما ميعاد دبره الله فى عليائه وسرى فيهم دون أن يشعروا. فهذا يبدو عليه أنه عامل بناء من عمامته وملبسه وخشونة يديه الكريمتين، وهذا يبدو عليه أنه باحث علمى من حداثة سنة والحماس الذى يضىء جبهته، وحقيبته الأنيقة، وأوراقه البيضاء التى تحمل سطوراً إنجليزية ومركبات كيميائية.. وذاك موظف حكومة تعرفه من بدلته بسيطة التصميم ومن وجهه الذى جرى عليه الروتين.. والآخر يبدو أنه طالب يذهب لجامعته..

 وهذا طبيب عرفته من الحساسية التى يتعامل بها مع الأشياء.. ففرك أحدهم كفيه وقال بحماس (نهارنا نادى إن شاء الله).. وقال الآخر (صباحكم زى الفل والله باين انه يوم زى الفل) وقال ثالث تظهر عليه علامات السكينة (ربنا يجعله خير أيامنا إن شاء الله – أصبحنا وأصبح الملك لله)، وهكذا راح كل فرد فى الميكروباص يلقى تحية الصباح فى فراغ الأتوبيس فوقهم فتنتقل التحية إلى قلب كل منهم فيضىء.. حتى السائق قال وهو يرتشف من كوب الشاى الصغير (والله اصطباحتكم عسل يا ناس يا عسل) ثم أدار الراديو وأخذ يبحث عن أغنية تناسب مزاجه الصباحى الرائق، وهكذا تلقى كل منهم ١٥ مرة توكيدا صباحيا بالخير..

 شحنه بالسلام والمحبة وملأه بالأمل، فكانت النتيجة ابتسامة جميلة على وجه كل من ينزل من الأتوبيس لسان حالها يقول إنه يوم جميل يستحق العيش ويستحق أن نتحمل بكل أريحية كل شىء فى سبيل أن تصبح كل أيامنا كتلك.. وصل السائق إلى الموقف، وفتح الركاب الباب، فنزل الطالب فوجد بعض أصدقائه المتجهمين ينتظرونه فسلم عليهم ببهجة انتقلت على الفور إليهم جميعا فتحولوا إلى موكب من نور.. ونزل السائق وهو يغنى ويعيد كوب الشاى إلى صبى القهوة، فاندمج معه صبى القهوة بالغناء تلقائيا وذهب لصنع مزيد من الشاى، لكن طعم هذا الشاى مختلف أنه مصنوع بحب وبمزاج انتقل إلى كل الشاربين.. وكانت ابتسامة الطبيب ذلك اليوم فيها شفاء المرضى.. واكتسب عامل البناء قوة أكبر وبنى وعمَّر وغنى (هيلة هيلة) بصدر منشرح وانبعثت ضحكاته الطيبة وسط موقع البناء تسجل كل لبنة توكيداً ووعداً أن الحياة بخير طالما هناك من يقول صباح الخير».

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *