مجموعة سعودي القانونية

ضياء-رشوان

 

خلال ساعات قد تمتد إلى الغد تنتهى لجنة الخمسين من إعداد المسودة النهائية لدستور مصر الجديد، وتبدأ بعدها فوراً فى التصويت عليه علناً أمام الشعب المصرى عبر شاشات التليفزيون. والحق يقال إن ما جرى فى هذه اللجنة منذ جلستها الأولى فى الثامن من سبتمبر الماضى بدءاً من جلساتها العامة وجلسات لجانها الفرعية الخمس، مروراً بانعقادها العام المغلق لأكثر من شهر للمناقشة التفصيلية لكل مادة على حدة والتصويت التأشيرى عليها، كان مثالاً للعمل الجاد والمسؤول من جميع أعضائها بغض النظر عما يمثلونه من هيئات أو أحزاب أو أفكار أو أجيال.

ولاشك أن المصريين جميعاً يتطلعون إلى بدء طرح مسودة الدستور الأولية عليهم للتعرف على ما توصلت إليه لجنة الخمسين فيما يخص مستقبلهم الاقتصادى والاجتماعى والسياسى، والطريقة التى عالجت بها لجنة الخمسين تحويل ثورتهم فى ٢٥ يناير ٢٠١١ و٣٠ يونيو ٢٠١٣ إلى نظام دولة مستقر يحقق لهم أهدافهم وآمالهم. ولاشك أيضاً أن موجة كبيرة من الشائعات وحملة واسعة من التشكيك انطلقت خلال الأيام الأخيرة حول لجنة الخمسين ومواد الدستور التى يزعم البعض أنها قد توصلت إليها، فى حين أن شيئاً من هذا لم يحدث على الإطلاق بداخل اللجنة فى أى لحظة من اجتماعاتها الطويلة. ولاشك كذلك فى أن بعض ما يكمن وراء الشائعات هو تخوفات مشروعة من بعض المصريين أو بعض فئاتهم على ما ينتظرونه من الدستور لتحقيق آمالهم ومطالبهم، وهى مسألة يمكن تفهمها وقبولها حتى يتم إعلان المسودة النهائية له فتتضح الحقائق ويظهر للجميع بالتفصيل ما توصلت إليه لجنة الخمسين.

أما حملات التشكيك التى يبدو واضحاً أن بعض الجهات تقف وراءها وتنسق بين القائمين بها، فهى تأتى كحصيلة لتعاون غير مباشر بين نوعين من الفئات والاتجاهات. الاتجاه الأول هو الذى يمثله جماعة الإخوان وحلفاؤهم الذين يدركون جيداً أن إتمام الدستور بنجاح يعنى النجاح النهائى لخارطة المستقبل بكل ما يعنيه هذا من إنهاء تام لوجود الجماعة وحلفها فى الحياة السياسية المصرية خلال السنوات المقبلة. يدرك هؤلاء أن إتمام الدستور والاستفتاء عليه بإقبال شعبى واسع يعنى تحويل الملايين التى خرجت يومى ٣٠ يونيو و٣ يوليو، والتى حاولوا التشكيك فيها، إلى أرقام محددة فى صناديق الاستفتاء لا يستطيع أحد القول بتزويرها فى ظل الرقابة الدولية والمحلية والعربية المتوقعة على الاستفتاء، مما يعنى الترسيخ النهائى والشرعية الكاملة لكل ما جرى منذ موجة ٣٠ يونيو الثورية الكبرى. من هنا يدرك الإخوان وحلفاؤهم الصغار أن تخريب الدستور والتشكيك فيه والترويج لأكاذيب حوله وحول اللجنة التى تعده، هو خط الدفاع الأخير لهم أمام تقدم خارطة المستقبل واستقرارها، وهم لذلك يبذلون كل ما يملكونه من الجهد لإنجاح هذا التخريب، خاصة فى ظل تخلى حلفائهم الدوليين والإقليميين عنهم، وعلى رأسهم بصورة واضحة الولايات المتحدة الأمريكية، وبصورة لاتزال مترددة دولة قطر.

أما الاتجاه الثانى فهم خليط من بعض المنتمين لنظام مبارك، وبعض من كانوا يرون فى أنفسهم الأصلح لكتابة دستور مصر، وبعض ممن يقدمون أنفسهم إلى النظام الحالى بمصر كحريصين عليه، ويرون أن الطريق لهذا هو التشكيك فى الدستور ومن يعدونه، وهم يضعون فى أذهانهم نفس الطريقة التى كان أمثالهم يقومون بها فى عهد مبارك. ولأن هذا الاتجاه مكون من كل هؤلاء الذين لا مشترك بينهم سوى أحلام أو أوهام خاصة، ولأن الإخوان قد فشلوا فى عرقلة مسيرة الثورة بعد موجتها الثانية بكل وسائل العنف والتخريب، فالأرجح أن يفشل الاثنان فى إثارة اللغط والتشكيك حول دستور مصر الجديد، وستكون المسودة النهائية والتصويت العلنى خلال أيام قليلة جداً هما السبيل الوحيد لإنهاء الشائعات والتشكيك.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *