مجموعة سعودي القانونية

ابراهيم-عيسى

سأكرر عليك سؤالا طرحته بإلحاح إلى درجة الغتاتة فى الفترة الماضية، السؤال: أين تلك التى تسمِّى نفسها قوى سياسية؟

هل رآها أحد إلا ضيوفًا فى برامج الفضائيات؟

لم أحصل على إجابة حين أطرحه وعندما أكرره. لكن الواقع يدفعنى دائما إلى ذات التساؤل، خصوصا مع أحداث الجامعات، حيث مظاهرات إخوانية سخَّنت وحرَّضت وجنَّدت وضحكت على طلاب من غير الإخوان فانساقوا وراءها بحكم المراهقة وبحكم أنهم لم يجدوا أى قوى سياسية من تلك التى تطلق على نفسها هذه الصفة تواجه الإخوان أو تنير الطلبة أو تجذب التلامذة (طبعًا عار أساتذة وعمداء ورؤساء الجامعات الذين لا يملكون أى قدرة ولا أى تأثير على الشباب بات مخجلًا أكثر من أى وقت مضى!).

ثم إن «الإخوان» تعبث وتعيث فى حياة المصريين بالتخريب والتدمير، بينما القوى التى تقول عن نفسها سياسية تغطس فى الغياب (بل بعضها يخدم الإخوان بمنتهى الحماس فى إشعال الحرائق، والتصدر فى الهايفة، وفرض أولويات خاطئة على البلد، والابتزاز، وقلة الأدب مع المخالفين لهم).

سأعيد عليك ما كتبته واحكم أنت: هل تغيَّر شىء؟ هل تحرك أحد منهم ليثبت خطئى ويكشف تهافت فكرتى وفراغة أدلتى؟ حيث أقول وأقطع بأن ما توصف بأنها قوى سياسية هى مجرد تجمعات وحلقات محدودة العدد من المثقفين والنشطاء الوطنيين، طبعًا والمخلصين للبلد قطعًا، لكن وجودهم الشعبى هو مجرد وجود إعلامى صنعه التليفزيون والصحف وتأثيرهم الذى يكون أحيانًا كبيرًا له وسيط واحد هو الفضائيات.

لكن ما عدا ذلك هم مدعوون عند الرئيس أو الجيش أو الحكومة للتباحث والنقاش من باب أنهم شخصيات عامة محترمة ووجوه تليفزيونية ذات بال. لكن هل لهؤلاء قواعد جماهيرية واسعة؟ الإجابة لا.

هل لهؤلاء قدرة تنظيمية وتمويلية وشعبية؟ لا أعثر على أى أمارة ولا أجد أى دليل.

لا نرى لهذه القوى التى تسمِّى نفسها سياسية دورًا تنويريًّا أو تثويريًّا فى الشارع، أو حتى دورًا خيريًّا تنمويًّا.

بينما المشهد فى مصر كما تلاحظ حضرتك، فإن هذه القوى لا تظهر بمسيرات جماهيرية تناهض الإخوان وتشحذ قيم الثورة ولا تقيم مؤتمرات شعبية يحضرها الآلاف فى القرى والمدن لتعلن مواقفها ورؤيتها أو حتى تدعو لأفكارها وسياسييها ولا حتى التيارات التى تدَّعى لنفسها الشعبية، ظهرت بأى شعب فى أى حتة، ثم فضيحتهم كلهم التامة فى الجامعات، حيث تسحب «الإخوان» الطلبة نحو هُوّة الفتنة والعنف، بينما هذه القوى المزعومة لا هى تقاوم بشبابها ولا هى تنقذ أولادنا، ولا هى حاضرة بكيانات بديلة، ولا هى جاذبة للطلبة ولا هى كاشفة للإخوان، بل هى غائبة عاجزة فى الجامعة!

حتى فى الملعب الذى تقرفنا فيه هذه القوى بادعاءاتها وهو ملعب الشباب، هى بلا حول ولا قوة، بما يعنى أنه كذلك لا مستقبل لهذه القوى.

كما تخلو هذه القوى والأحزاب من الأسماء الزعامية الكبيرة التى تضع فوق كتفها مهمة وتنتقل من مدينة إلى أخرى، ومن قرية إلى ثانية، تبنى مع أبناء مصر موقفًا ورؤية.

سأعود مرة أخرى لأكرر فأوكد: أنت أمام قوى لا هى سياسية، كما تقول عن نفسها، ولا هى حتى مؤثرة شعبيًّا عن طريق عمل خيرى أو تنموى تنافس به الإخوان أو تملأ فراغهم بالإحسانات أو الصدقات، أو بالتدريب والتأهيل المهنى والحرفى أو غير ذلك من المهام التى تحترفها الآن جماعات محسوبة على الإخوان أو جمعيات العمل الأهلى أو على منظمات تتلقى أموالا من جهات التمويل الغربية.

المشكلة الأفدح هى أن هذه القوى والأحزاب لا تتواضع، وتتكلم فى حدود قدراتها وتأثيرها، بل هى منتفخة أوهامًا تعطِّلها عن فهم الواقع واستيعاب الحقيقة، مما يجعل قدرتها على تصحيح أخطائها محدودة أو معدومة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *