محمد فتحى يكتب | «لسّه العدل غياب»
ما مفهومك عن العدل؟..
هل هو سيادة القانون؟؟
يعنى هل لو طُبق القانون على الجميع سيتحقق العدل؟؟
طيب.. دعنى أقل لك إن القانون نفسه ربما يكون ظالماً، أو مطبوخاً على المزاج، أو «نُص سِوا»، فهل هذا سيحقق العدل؟؟
إذن تعالَ نفكر فى إجابة أخرى لنفس السؤال: ما مفهومك عن العدل؟؟
دعنا نتفق على ألا نتفق، فلن نتفق سوى على ذلك..
والعدل الذى أتحدث عنه غير العدل الذى ستتحدث عنه، صحيح أنه يبدو متشابهاً فى موضوعات التعبير التى كنا نحفظ مقولاتها ونكتبها فى امتحانات «الإعدادية»، لكنه فى الواقع شىء مختلف تماماً، ولن أزعجك بمقولات الفلاسفة، وخلاصة عصارة حكايات جدتى وجدتك التى جمعها البعض فيما أخبرونا أنه علم واسمه التنمية البشرية، لكن سأقول لك، باختصار، إن العدل هو هذا الذى تراه عدلاً من وجهة نظرك بغض النظر عن كونه العدل الحقيقى أم لا.
تماماً مثل الحقيقة.. هى تلك ما تصدقه وتعتقد فيه مهما أصر غيرك على عكس ما تقول.
كلام مجعلص؟؟ معلهش.. بالمثال تتضح الأمور.
خلال اليومين السابقين تم الإفراج عن 62 متهماً كتبت الصحف أنهم «إخوانيون» فى أحداث رمسيس ومسجد الفتح، كما تم الإفراج عن غيرهم فى أحداث أخرى، والسؤال الآن لحضرتك: هل هذا هو العدل؟
بمعنى: هل سيعترف الإخوان بأن هناك قانوناً، وأن القانون حقق العدل، وأن المقبوض عليهم كانوا أبرياء ولذلك أُفرج عنهم؟؟
طيب وبالنسبة للباقين.. هل يعنى حبسهم أنهم مجرمون؟؟
الناحية التانية الوضع مختلف، فالإفراج عن هؤلاء لا يعنى أنهم غير مدانين، لكن يعنى أن النيابة لم تستطِع إثبات التهمة عليهم، أو أن القانون قاصر ومحاميهم استغلوا ثغرات القانون.
اعكس النتيجة من فضلك وكلمنى عن ردود الفعل.
اجعل الإخوان يدانون ويسجنون بناء على حكم المحكمة ولنرَ ردود الفعل.
الإخوان سيشككون فى القانون ويتحدثون عن الانقلاب الغاشم والقضاء الفاسد، والآخرون سيقولون إن دولة القانون يجب احترامها، وإن هذا الحكم عادل على هؤلاء المفسدين، ولنعُد للسؤال:
ما مفهومك عن العدل؟
هل العدل ألا يحاسب القتلة حتى الآن.. قتلة ما قبل «25 يناير» وما بعدها، وقتلة ما قبل «30 يونيو» وما بعدها، وقتلة جنودنا وضباطنا فى كل مكان.
مَن حاسبهم، ومن أقام عليهم العدل؟ وكيف أضمن أن المقبوض عليه هو فعلاً القاتل الذى ستأخذ العدالة مجراها معه؟؟
كيف أضمن أن الشرطة تقبض فعلاً على المجرمين لتحقيق العدالة ولا تأخذ العاطل على الباطل قبل أن يقول بعض السفهاء إن لكل حرب خسائرها؟ ولماذا تكون الخسائر دائماً فى صفوف المظلومين والأبرياء والغلابة؟؟ ومن يدفع فواتير عدم تطبيق العدل حتى الآن فى بلد صار كل من فيه لا يحترم العدل ولا يريده إلا على مزاجه ويلوى عنق الحقيقة ليجعله وفق ما يصدقه ويقتنع به وليس وفق ما يفترض به أن يكون.
من المسئول عن غياب العدل أصلاً؟ ولماذا لا يحاسب المسئولون عن كل المجازر؟ وأرجوك لتعترف بأن هناك أبرياء ماتوا بينما المجرمون يرتعون فى الأرض فساداً بكل الأشكال والمواقع والمناصب داخل مصر أو خارجها.
العدل اسم من أسماء الله الحسنى، فهل صار تحقيقه مرهوناً بيوم نلقى الله؟؟
عموماً أختم بكلمات صديقى الشاعر المبدع محمد السيد:
لسّه العدل غياب.. طب إيه الأسباب؟.. لو بتقولوا إن انتو معانا.. ليه بتصفوا حساب؟؟
ليه عايزينا ف ضلمة.. بعد ما شفنا النور.. ليه خايفين من الكلمة يا عباد المأمور؟
لسّه الحق ماجاش.. ومفيش دم بلاش.. قطر الناس قشّاش.. مش مستنى الدور.