مجموعة سعودي القانونية

محمد فتحى يكتب | «دهب» تسألكم: هل نحن شعب محترم؟

محمد-فتحي

اسمها دهب حامد عبدالعال.. صورتها تملأ شبكات التواصل الاجتماعى.. بنت بسيطة.. سنها 19 سنة، خرجت فى مظاهرة فى شبرا الخيمة فى 14 يناير الماضى وهى حامل، وكانت المظاهرة مؤيدة للإخوان.. بعدها، وكما تعرفون القصة، تم القبض العشوائى على عدد من المشاركين فى المظاهرة، وكانت منهم (دهب) ببطنها الكبيرة التى لم تمنعها من النزول، ولم تشفع لها فى عدم إلقاء القبض عليها، وكما تعرفون القصة أيضاً (دهب) نالت نصيبها من الـ15 يوما، ثم التجديد بـ15 يوما أخرى، ثم نشرت صورتها على سريرها فى المستشفى بعد عملية الولادة مباشرة وبملابس العمليات وتحت تأثير البنج فى حضنها ابنتها التى أطلقوا عليها اسم (حرية)، ويدها اليمنى (مكلبشة) فى سرير العمليات!!!

لسان حال (دهب) يسأل: هل نحن شعب محترم؟

فى الواقع هناك أكثر من طريقة للإجابة عن سؤال (دهب)، 19 سنة، من شبرا الخيمة.

الأولى: طريقة (إيه اللى وداها هناك).. وهى الطريقة المعتمدة لدى فئات لا بأس بها من الشعب المصرى الشقيق، لكن ليس هذا ما نناقشه، والصورة أقوى من ألف كلمة، والحكاية لا تحتاج لأى حزق فى الإحابة. هل البنت المتبنجة بعد عملية ولادة ينبغى كلبشتها لأنها مقبوض عليها عشوائياً؟

الطريقة الثانية: طريقة (ماحصلش).. وفى أقوال أخرى (دى كلها شائعات). وهى طريقة لا تستدعى عناء الرد عليها، أو احترامها، لأن أصحابها حين يعلمون أن الواقعة حقيقية ينتقلون لتبريرها على مستويات أخرى.

الطريقة الثالثة: طريقة (كله بالقانون).. وهو القانون الذى يطبق بالمزاج. ويكون صارماً فى حالة خصومك، ووارد جداً أن تكون هناك تجاوزات فى استخدامه، وغائب وفى إجازة، ومشدود عليه «السيفون» لو كان المتجاوز صاحبك وحبيبك وكفاءة، وهذا أيضاً ما لا نناقشه.. فهناك ما نعرفه بروح القانون، وحينما نصير فى دولة قانون تحترم حقوق الإنسان سيفهم هؤلاء «المبغبغون» معنى القانون بحق.

الطريقة الرابعة: طريقة (يعنى انت بتكتب عن الإخوان وناسى إخواتك الشهدا بتوع الشرطة والجيش).. وهى طريقة مستحدثة ظهرت جلية بعد 30 يونيو، وفيها من التفتيش فى النوايا والتحفز المسبق أكثر ما فيها من الحقيقة، حيث يفترض بعضهم أن الكتابة يجب أن تكون بالكيلو، وأن ميزان الموضوعية يتوقف على (الثقل) الذى تضعه الناحية الأخرى، فإذا تحدثت عن (حالة إنسانية) يجب أن تتحدث عن (حالة أخرى) فى الاتجاه الآخر وإلا فأنت مجرم.

وبناء عليه: رحم الله أمين الشرطة الشهيد الذى قتل على أبواب كنيسة السيدة العذراء بعين شمس بعد مسيرة إخوانية.. (مرضى كده يا عم)؟؟

ثم: من قال إننا لا نحب الجيش والشرطة وشهداءهما، ولا نذكر قول سيدنا النبى (عليه الصلاة والسلام): «عينان لا تمسهما النار؛ عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس فى سبيل الله»، ومن قال إن انتقاد تجاوز يعنى الرضا عن تجاوز الطرف الآخر. هناك شهداء ماتوا فى خدمتهم من الجيش والشرطة أولادهم أولادنا ودمهم غالٍ علينا، لكن هل هذا مبرر لنقبل بظلم آخرين لمجرد أن البعض يعتقد أنهم يأتون بحقهم بهذه الطريقة؟؟ «ما لكم كيف تحكمون».

الطريقة الخامسة: طريقة (أختى عبير)، حيث يتصدى للدفاع عن (دهب) وحقها والظلم الذى وقع عليها مجموعة من المزايدين، أو هؤلاء الذين رضوا ظلماً على غيرهم طالما كانوا على خلاف معهم، لكنهم يتاجرون بدهب الآن ويتحدثون عن الانقلاب وما يفعله، وكأن نفس الموقف لم يحدث مع هند نافع، المعيدة التى ربطوها من قبل فى أحد المستشفيات ولم يتحدث عنها أحد، يوم كان الإخوان فى شهر العسل مع المجلس العسكرى، ويطالب الجميع بحق البنت، رغم أنهم هم من أهدروا حقها يوم أهدروا حق غيرها من قبل.

الطريقة السادسة: طريقة التفكير جيداً فى السؤال. هل نحن فعلاً شعب محترم؟؟ السؤال يحتاج لتفكير فى الإجابة وليس لتبرير أو مزايدة. يحتاج لأن ندرك أن مسألة (القبض العشوائى) التى تتم يجب أن تراجع ويتم تحجيمها وليس التطبيل لها بوصفنا فى حرب، وبوصف المظاليم من (خسائر) هذه الحرب. يحتاج لأن نعرف أن حتى الحرب لها أخلاق، وأن المجرم نفسه له حقوق، وأن الثأر من مظلوم يطلق يد المجرم، ويحول المتعاطفين إلى مؤيدين لفكرة العدو، وأن هؤلاء الذين يحكمون والذين يبررون والذين يقتلون عليهم أن يتقوا الله.. ألا يفعلون؟؟

 

 

 

 

المصدر:الوطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *